اسم الکتاب : الوحي المحمدي المؤلف : رشيد رضا، محمد الجزء : 1 صفحة : 184
دعوتها إليهم، وصاروا حجة على دينهم، فكيف يدعون إليه وحجته القرآن وهم يحرمون الاهتداء به؟ حتى إن أدعياء العلم الرسمى [1] فيهم ينكرون أشد الإنكار على من يدعونهم إلى اتباع كتاب الله وهدى رسوله وسيرة السلف الصالح من أهله ونحن معهم فى بلاء وعناء نقاسى منهم ما شاء الجهل والجمود من استهزاء، وطعن وبذاء، وتهكم بلقب (المجتهد) الذى احتكره الجهل لبعض المتقدمين من العلماء.
ولو كان فينا علماء كثيرون يظهرون الإسلام فى صورته الحقيقية العلمية العقلية لدخل الناس المستقلون فى العقل والعلم فيه أفواجا حتى يعم الدنيا؛ لأن التعليم العصرى فى جميع مدارس الأرض يجرى على طريقة الاستقلال فى الفهم واتباع الدليل فى جميع بلاد الإفرنج والبلاد المقلد لهم، ولكن أكثر هؤلاء يرون جميع الأديان تقليدية، ويعتدونها نظما أدبية واجتماعية للأمم، فلهذا يرون الأولى بحفظ نظامهم اتباعهم دينهم التقليدى، وبهذا يعسر علينا أن نقنعهم بامتياز الإسلام على دينهم، لأنه يقل فينا من يقدر على إظهار الإسلام فى صورته التى خصه بها القرآن. وما بيّنه من سنة خاتم النبيين صلّى الله عليه وسلّم وسيرة خلفائه الراشدين والسلف الصالحين، رضوان الله عليهم أجمعين.
بيد أنّ محافظة الإفرنج على نظام النصرانية بدون إيمان إذعان سيزول، فقد كثرت الجمعيات الدينيّة والعلمية التى تصرح بإنكار ألوهية المسيح وأكثر تقاليد الكنائس [2].
دحض شبهة، وإقامة حجة
يتوهّم بعض المقلدين أنّ دعوة المسلمين إلى الاهتداء بالكتاب والسّنة والاستقلال فى فهمهما التى اشتهر المنار بها فى عصرنا، هى التى جرّأت بعض الجاهلين على دعوى الاجتهاد فى الشريعة والاستغناء عن تقليد الأئمة والانتقاد عليهم وعلى أتباعهم بما هو ابتداع جديد، واستبدال للفوضى بالتقليد، وهو وهم سببه الجهل بالدين وبالتاريخ، فمذاهب الابتداع والإلحاد قديمة، قد نجمت قرونها فى خير القرون وعهد أكبر الأئمة، وكان أشدها إفسادا للدين الدعوة إلى اتباع الأئمة المعصومين، الذين لا يسألون عن الدليل، [1] المراد بالعلم الرسمى الذى يعتمد منتحله فى انتحاله على الشهادة الرسمية من المدرسة التى تعلم فيها دينية كالأزهر أو مدنية، وكم حامل شهادة بالعلم وهو جاهل. [2] لا تزال تشتد دعوة الشعب الألمانى بتأييد حكومته النازية إلى ترك النصرانية وتفضل الوثنية الآرية عليها.
اسم الکتاب : الوحي المحمدي المؤلف : رشيد رضا، محمد الجزء : 1 صفحة : 184