responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الوحي المحمدي المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 183
6 - منع التقليد والجمود على اتباع الآباء والجدود:
كل ما نزل من الآيات فى مدح العلم وفضله واليقين فيه واستقلال العقل والفكر وحرية الوجدان، والمطالبة بالبرهان، وذم اتباع الظن والحرص فيما يطلب فيه الإيمان والعلم- يدل على ذم التقليد، وقد ورد فى ذمه النعى على أهله آيات كثيرة كقوله تعالى: وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ [البقرة: 170]، وقوله تعالى: وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا
يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ
[المائدة: 104]، ذمهم من ناحيتين؛ (إحداهما): الجمود على ما كان عليه آباؤهم والاكتفاء به عن الترقى فى العلم والعمل، وليس هذا من شأن الإنسان الحى العاقل فإن الحياة تقتضى النمو والتوليد، والعقل يطلب المزيد والتجديد.
(والثانية): أنهم باتباعهم لآبائهم قد فقدوا مزية البشر فى التمييز بين الحق والباطل، والخير والشر، والحسن والقبيح، بطريق العقل والعلم وطريق الاهتداء فى العمل، ويؤيده قوله تعالى: وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللَّهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ [الأعراف: 28]، وقال الله تعالى فى عبادة العرب للملائكة: وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (20) أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (21) بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22) وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ [الزخرف: 20 - 23]، وتراجع الشواهد على هذا فى قصة إبراهيم مع قومه فى سورة الأنبياء والشعراء والصافات.
فالقرآن قد جاء يهدى جميع متّبعى الملل والأديان السابقة إلى استعمال عقولهم مع ضمائرهم للوصول إلى العلم والهدى والاطمئنان فى الدين، وألا يكتفوا بما كان عليه آباؤهم وأجدادهم من ذلك، فإن هذا جناية على الفطرة البشرية والعقل والفكر والقلب التى امتاز بها البشر، وبهذا العلم والهدى امتاز الإسلام ودخل فيه العقلاء من جميع الأمم أفواجا، ثم نكث المسلمون على رءوسهم إلا قليلا منهم، واتبعوا سنن من قبلهم من أهل الكتاب وغيرهم فى التقليد لآبائهم ومشايخهم المنسوبين إلى بعض أئمة علمائهم الذين نهوهم عن التقليد ولم يأمروهم به، فأبطلوا بذلك حجّة الله تعالى على الأمم التى وكل الله

اسم الکتاب : الوحي المحمدي المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 183
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست