اسم الکتاب : الوحي المحمدي المؤلف : رشيد رضا، محمد الجزء : 1 صفحة : 176
قبلهم، فإن كان صلّى الله عليه وسلّم قد أخبر بما أطلعه الله عليه من مستقبلها أنهم سيتبعون سنن من قبلهم من اليهود والنصارى، فقد أخبر أيضا بأنه لا بد أن يبقى بعضهم على الحق ليكونوا حجة الله على خلقه فقال صلّى الله عليه وسلّم: «لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون».
رواه أحمد والبخارى عن المغيرة بن شعبة رضى الله عنه، وفى رواية لهم عن معاوية: «لا تزال طائفة من أمتى قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتى أمر الله وهم ظاهرون للناس». رواه مسلم والترمذى وابن ماجة عن ثوبان بلفظ: «لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحقّ لا يضرّهم من خذلهم حتى يأتى أمر الله وهم كذلك إلى قيام الساعة» [1]. رواه مسلم من حديث جابر بن سمرة مرفوعا: «لن يبرح هذا الدين قائما يقاتل عليه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة». وروى آخرون
من طرق ضعيفة يقوى بعضها بعضا أن هذه الأمة لا تجتمع على ضلالة. ولله الحمد.
2 - الإسلام دين العقل والفكر:
تقرأ قاموس الكتاب المقدس فلا تجد فيه كلمة (العقل) ولا فى معناها من أسماء هذه الغريزة البشرية التى فضل الإنسان بها جميع أنواع هذا الجنس الحى كاللب والنهى، لا لأن هذه المادة لم تذكر فى كتب العهدين مطلقا بل لأنها لم ترد فيها أساسا لفهم الدين ودلائله والاعتبار به، ولا أن الخطاب بالدين موجه إليه، وقائم به وعليه، وكذلك أسماء التفكر والتدبر والنظر فى العالم التى هى أعظم وظائف العقل.
أما ذكر العقل باسمه وأفعاله فى القرآن الحكيم فيبلغ زهاء خمسين مرة، وأما ذكر أولى الألباب أى العقول ففي بضع عشرة مرة، وأما كلمة أولى النهى (جمع نهية بالضم كغرفة) أى العقول، فقد جاءت مرة واحدة من آخر سورة طه.
أكثر ما ذكر فعل العقل فى القرآن قد جاء فى الكلام على آيات الله وكونه المخاطبين بها والذين يفهمونها ويهتدون بها هم العقلاء ويراد بهذه الآيات فى الغالب آيات الكون الدالة على علم الله ومشيئته وحكمته ورحمته كقوله تعالى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ [1] زدنا فى هذه الطبعة رواية معاوية، وحديث ثوبان لأنهما أصح وأبسط من حديث عمر وأبى هريرة فى الموضوع.
اسم الکتاب : الوحي المحمدي المؤلف : رشيد رضا، محمد الجزء : 1 صفحة : 176