responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الوحي المحمدي المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 160
ولما تمت الأربعون حضر هؤلاء كلّهم قصر المهراجا وشاهدوا ختم الحجرة كما كان، والعشب أمامها فى الحديقة لم تطأه قدم أحد، ثم فتحوا باب الحجرة وامتحنوا أختام القبو ثم أخرجوا الصندوق وامتحنوا أختامه فوجدوها كلّها على حالها، ففتحوه وأخرجوا الفقير منه فإذا هو كما وصفه أحد أولئك من الانكليز قال:
لما فتحوا الصندوق وأخرجوا الفقير منه وجدت الذراعين والساقين صلبة والرأس مائلا على إحدى الكنفين فخلتنى أمام جثّة هامدة فارقتها الحياة منذ أمد بعيد، فطلبت من طبيبى أن يفحصها فانحنى عليها وجسّ القلب والصدغين والذراعين وقال: إنه لم يجد أثرا للنبض البتة ولكنه شعر حرارة فى منطقة الدماغ إلخ.
ثم نفذ ما أوصى الفقير أن يعمل بعد إخراجه فغسّل بالماء الحار فرد على الأوصال لينها السابق بالتدريج، وأزيل القطن والشمع عن الأذنين والأنف ووضعت أكياس دافئة على الرأس فدبّت الحياة فى الجسد المسجى، وتقلصت الأعصاب والأطراف ثم اضطربت فسال منها عرق غزير وعادت الأعضاء إلى حالتها الأولى، وبعد دقائق اتسعت حدقتا العينين وعاد إليهما لونهما الطبيعىّ، فلمّا رأى الفقير المهراجا شاخصا إليه دهشا متحيرا قال له:
أرأيت يا مولاى صدق قولى وفعلى؟ وبعد نصف ساعة خرج من التابوت وأنشأ يحدث الحاضرين أحسن حديث ويطرفهم بما يحير العقول أ. هـ.
إن هذه الحادثة من آيات الله التى أظهرتها الرياضة المكتسبة، وهى أعجب من رواية الإنجيل لموت ليعازر ثم حياته بدعاء المسيح بعد أربعة أيام- كما تقدم فى بحث عجائبه (ع. م) - وأغرب من حادثة أصحاب الكهف أيضا من بعض الوجوه فإن الفقير الهندى قد سد أنفه، ولفّ فى كفن، ووضع فى تابوت دفن تحت الأرض، فحيل بينه وبين الهواء الذى لا يعيش أحد بدونه عادة، وأهل الكهف ناموا فى فجوة واسعة من كهف بابه إلى الشمال مهب الهواء اللطيف، وكانت الشمس تصيب مدخله من جانبيه عند شروقها وعند غروبها مائلة متزاورة عنهم، فتلطف هواءه من حيث لا تصيبهم، وإنما كان أكبر الغرابة فى نومهم طول مدة لبثهم فيه، وكانت طويلة جدا حتى على نقل البيضاوى وغيره من المفسرين أن قوله تعالى: وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ [الكهف: 25] الآية- حكاية عن بعض المختلفين فى أمرهم، فإن كان خلافا ظاهر السياق فقد يقويه قوله تعالى فى الآية بعدها:
قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا [الكهف: 26]، والله أعلم بكل حال على كل حال، وإن خفى سر آياته على خلقه، ولا شىء من الأمرين بمحال، وقد نام بعض أهل العصر بمرض النوم عدة أشهر.

اسم الکتاب : الوحي المحمدي المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 160
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست