responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الوحي المحمدي المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 152
الخوارق الحقيقية والصورية عند الأمم
إنّ الأمور التى تأتى فى الظاهر على غير السنن المعروفة. أو الخارقة للعادات المألوفة، منقولة عن جميع الأمم فى جميع العصور نقلا متواترا فى جنسه دون جميع أنواع أو أفراد وقائعه، وليست كلّها خوارق حقيقية، فإن منها ما له من أسباب مجهولة للجمهور، وإن منها لما هو صناعى يستفاد بتعليم خاص، وإن منها لما هو من خصائص قوى النفس فى توجيهها إلى مطالبها، وفى تأثير أقوياء الإرادة فى ضعفائها، ويدخل فى هذين المكاشفة فى بعض الأمور والتنويم المغناطيسى، وشفاء بعض المرضى ولا سيما المصابين بالأمراض العصبية التى يؤثر فيها الاعتقاد والوهم، ومنها بعض أنواع العمى والفالج، فإن من الناس من يفقد بصره بمرض يطرأ على أعصاب عينيه وهما صحيحان تلمعان فى وجهه، أو يغشاهما بياض عارض مع بقاء طبقاتهما صحيحة، وليس منه الكمه والعمى الذى يقع بطمس العينين وغئورهما كالذى أبرأه المسيح عليه السلام بإذن الله تعالى.
ومنه انخداع البصر بالتخييل الذى يحذقه المشعوذون، ومنه ما فعله سحرة فرعون المبين بقوله تعالى: فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى [طه: 66].
ومنه انخداع السمع كالذى يفعله الذين يدّعون استخدام الجن إذ يتكلمون ليلا بأصوات غريبة غير أصواتهم المعتادة فيظن مصدّقهم أنّ ذلك صوت الجنى، وقد يتكلمون نهارا من بطونهم من غير أن يحركوا شفاههم [1]، فلا ينبغى أن يوثق بشيء من أخبارهم ولا من نقلهم، ومن الدلائل على كذب المنتحلين لهذه الغرائب إنهم جعلوها وسيلة لمعايشهم الدنيئة، وأنهم لو كانوا صادقين فيها لتنافس الملوك وكبار علماء الكون فى صحبتهم والانتفاع بهم.
وقد بينّا هذه الأنواع من الخوارق الصورية فى بحث السحر من تفسير سورة الأعراف [2]، وفى المقالات التى عقدناها للكرامات وأنواعها وتعليلها فى المجلد الثانى من المنار، وأتممناها فى المجلد السادس منه.

[1] قد حدث فى هذه السنة افتضاح دجالة اتخذت دعوى استخدام الجن صناعة لها فرفعت عليها قضايا وقد قرأنا فى بعض الجرائد عند تقديم هذه الكراسة لجمعها للطبعة الثانية أن حيلتها الصناعية بالكلام الذى يسمع صوته من جوفها وتوهم به المخدوعين أنه كلام الجنى قد عرفت فى أثناء التحقيق.
[2] راجع ص 45 - 60 ج 9 من تفسير المنار.
اسم الکتاب : الوحي المحمدي المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 152
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست