responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 929
6 - قد يكون في علم الله -جل وعلا- أن هؤلاء لو انتصروا لن يقوموا بتكاليف الانتصار، من إقامة حكم الله في الأرض، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة. وذلك أن الانتصار ليس مرادا لذاته، وإنما لما يتحقق منه، وهو إخماد الفتنة، وأن يكون الدين كله لله.
وهذا مما يفهم من قوله -تعالى-: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) [سورة الحج، الآية: 40، 41]. وقد لا نعلم نحن سبب ذلك ولكن الله يعلمه.
وذلك أن هناك فئة من الناس تثبت في حالة الشدة والعناء، وتصمد في حالة المواجهة والبلاء ولكنها تضعف وتتقهقر في حالة النعم والرخاء والأمن.
وقوم هذه حالهم لا يستحقون النصر، والله أعلم بما كان، وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون.
7 - من أسباب تأخر النصر أن الباطل الذي يحاربه الدعاة لم ينكشف زيفه للناس تماما، فقد يجد له أنصارا من المخدوعين فيه، ممن هم ليسوا على هذا الباطل، ولا يقرونه لو اكتشفوا حقيقته.
ومن أبرز الأمثلة على ذلك قصة المنافقين، فكثير من الصحابة -رضوان الله عليهم- لم يكونوا يعرفون عددا من أقطاب النفاق، بل إنهم يحسنون الظن بهم، ولذلك وجدنا من يدافع عنهم، حتى إن بعض كبار الصحابة من الأنصار كانوا يدافعون عن عبد الله بن أُبَيٍّ، لعدم معرفتهم بما كان عليه من الباطل وبخاصة في أول العهد المدني.
ولما جاء زيد بن أرقم وأخبر عن مقولة عبد الله بن أبي بن سلول في غزوة بني المصطلق، قال عمر بن الخطاب لرسول الله، صلى الله عليه وسلم مر عباد بن بشر فليقتله، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم " فكيف يا عمر إذا تحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه؟ لا!! ولكن أذن بالرحيل "
إذن المنافقون في نظر كثير من الناس أصحاب لرسول الله، صلى الله عليه وسلم لأن حقيقتهم لم تنكشف للناس، وحقيقتهم، (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [سورة المنافقون، الآية: 4].
ولذلك قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم لعمر في نهاية المطاف لما تكشفت حقيقة هؤلاء عند كثير من المسلمين: " كَيْفَ تَرَى يَا عُمَرُ؟ أَمَا وَاللَّهِ لَوْ قَتَلْتُهُ يَوْمَ قُلْتَ لِيَ لَأَرْعَدَتْ لَهُ آنُفٌ لَوْ أَمَرْتُهَا الْيَوْمَ بِقَتْلِهِ لَقَتَلَتْهُ. فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ وَاللَّهِ عَلِمْتُ لِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْظَمُ بَرَكَةً مِنْ أَمْرِي. "
إمتاع الأسماع (6/ 362) والروض الأنف ت السلامي (7/ 23) والسيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة (1/ 20) والسيرة النبوية لابن كثير (3/ 301) وسيرة ابن هشام ت السقا (2/ 293)
فهذا الحديث يصور معنى هذا السبب الذي ذكرته أدقّ تصوير وبيان.

اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 929
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست