responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 688
أَحْمَدُ أَيْضًا فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ، فَقَالَ: التَّغْيِيرُ بِالْيَدِ لَيْسَ بِالسَّيْفِ وَالسِّلَاحِ، وَحِينَئِذٍ فَجِهَادُ الْأُمَرَاءِ بِالْيَدِ أَنْ يُزِيلَ بِيَدِهِ مَا فَعَلُوهُ مِنَ الْمُنْكَرَاتِ، مِثْلُ أَنْ يُرِيقَ خُمُورَهُمْ أَوْ يَكْسِرَ آلَاتِ الْمَلَاهِي الَّتِي لَهُمْ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، أَوْ يُبْطِلَ بِيَدِهِ مَا أَمَرُوا بِهِ مِنَ الظُّلْمِ إِنْ كَانَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى ذَلِكَ، وَكُلُّ هَذَا جَائِزٌ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ بَابِ قِتَالِهِمْ، وَلَا مِنَ الْخُرُوجِ عَلَيْهِمِ الَّذِي وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ، فَإِنَّ هَذَا أَكْثَرُ مَا يُخْشَى مِنْهُ أَنْ يُقْتَلَ الْآمِرُ وَحْدَهُ."). (1)
وقد قال إمام الحرمين الجويني الشافعي عن الإمام الجائر: (فَأَمَّا إِذَا تَوَاصَلَ مِنْهُ الْعِصْيَانُ، وَفَشَا مِنْهُ الْعُدْوَانُ، وَظَهَرَ الْفَسَادُ، وَزَالَ السَّدَادُ، وَتَعَطَّلَتِ الْحُقُوقُ وَالْحُدُودُ، وَارْتَفَعَتِ الصِّيَانَةُ، وَوَضَحَتِ الْخِيَانَةُ، وَاسْتَجْرَأَ الظَّلَمَةُ، وَلَمْ يَجِدِ الْمَظْلُومُ مُنْتَصِفًا مِمَّنْ ظَلَمَهُ، وَتَدَاعَى الْخَلَلُ وَالْخَطَلُ إِلَى عَظَائِمِ الْأُمُورِ، وَتَعْطِيلِ الثُّغُورِ، فَلَا بُدَّ مِنِ اسْتِدْرَاكِ هَذَا الْأَمْرِ الْمُتَفَاقِمِ عَلَى مَا سَنُقَرِّرُ الْقَوْلَ فِيهِ عَلَى الْفَاهِمِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ - وَذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَةَ إِنَّمَا تُعْنَى لِنَقِيضِ هَذِهِ الْحَالَةِ.
فَإِذَا أَفْضَى الْأَمْرُ إِلَى خِلَافِ مَا تَقْتَضِيهِ الزَّعَامَةُ وَالْإِيَالَةُ، فَيَجِبُ اسْتِدْرَاكُهُ لَا مَحَالَةَ، وَتَرْكُ النَّاسِ سُدًى، مُلْتَطِمِينَ لَا جَامِعَ لَهُمْ عَلَى الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ أَجْدَى عَلَيْهِمْ مِنْ تَقْرِيرِهِمْ عَلَى اتِّبَاعِ مَنْ هُوَ عَوْنُ الظَّالِمِينَ، وَمَلَاذُ الْغَاشِمِينَ، وَمَوْئِلُ الْهَاجِمِينَ، وَمُعْتَصَمُ الْمَارِقِينَ النَّاجِمِينَ، وَإِذَا دُفِعَ الْخَلْقُ إِلَى ذَلِكَ، فَقَدِ اعْتَاصَتِ الْمَسَالِكُ، وَأَعْضَلَتِ الْمَدَارِكُ، فَلْيَتَّئِدِ النَّاظِرُ هُنَالِكَ، وَلْيَعْلَمْ أَنَّ الْأَمْرَ إِذَا اسْتَمَرَّ عَلَى الْخَبَالِ، وَالْخَبْطِ وَالِاخْتِلَالِ، كَانَ ذَلِكَ لِصِفَةٍ فِي الْمُتَصَدِّي لِلْإِمْرَةِ، وَتِيكَ هِيَ الَّتِي جَرَّتْ مِنْهُ هَذِهِ الْفَتْرَةَ، وَلَا يَرْتَضِي هَذِهِ الْحَالَةَ مَنْ نَفْسُهُ ذُو حَصَافَةٍ فِي الْعَقْلِ، وَدَوَامُ التَّهَافُتِ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ مُشْعِرٌ بِرَكَاكَةِ الدِّينِ فِي الْأَصْلِ، أَوْ بِاضْطِرَابِ الْجِبِلَّةِ، وَهُوَ خَبَلٌ، فَإِنْ أَمْكَنَ اسْتِدْرَاكُ ذَلِكَ، فَالْبِدَارَ الْبِدَارَ قَبْلَ أَنْ تَزُولَ الْأُمُورُ عَنْ مَرَاتِبِهَا وَتَمِيلَ مِنْ مَنَاصِبِهَا، وَتَمِيدَ خِطَّةُ الْإِسْلَامِ بِمَنَاكِبِهَا" (2)
ثم قال:" وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِإِتْمَامِ الْغَرَضِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمُتَصَدِّيَ لِلْإِمَامَةِ إِذَا عَظُمَتْ جِنَايَتُهُ، وَكَثُرَتْ عَادِيَتُهُ، وَفَشَا احْتِكَامُهُ وَاهْتِضَامُهُ، وَبَدَتْ فَضَحَاتُهُ، وَتَتَابَعَتْ عَثَرَاتُهُ، وَخِيفَ بِسَبَبِهِ ضَيَاعُ الْبَيْضَةِ، وَتَبَدُّدُ دَعَائِمِ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ نَجِدْ مَنْ نُنَصِّبُهُ لِلْإِمَامَةِ حَتَّى يَنْتَهِضَ لِدَفْعِهِ حَسْبَ مَا يَدْفَعُ الْبُغَاةَ، فَلَا نُطْلِقُ لِلْآحَادِ فِي أَطْرَافِ الْبِلَادِ أَنْ يَثُورُوا ; فَإِنَّهُمْ لَوْ فَعَلُوا ذَلِكَ لَاصْطُلِمُوا وَأُبِيرُوا، وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا فِي ازْدِيَادِ الْمِحَنِ، وَإِثَارَةِ الْفِتَنِ، وَلَكِنْ إِنِ اتَّفَقَ رَجُلٌ طَاعٌ ذُو أَتْبَاعٍ وَأَشْيَاعٍ، وَيَقُومُ مُحْتَسِبًا، آمِرًا بِالْمَعْرُوفِ نَاهِيًا عَنِ الْمُنْكَرِ، وَانْتَصَبَ بِكِفَايَةِ الْمُسْلِمِينَ مَا دُفِعُوا إِلَيْهِ، فَلْيَمْضِ فِي ذَلِكَ قُدُمًا. وَاللَّهُ نَصِيرُهُ عَلَى الشَّرْطِ الْمُقَدَّمِ فِي رِعَايَةِ الْمَصَالِحِ، وَالنَّظَرِ فِي الْمَنَاجِحِ، وَمُوَازَنَةِ مَا يُدْفَعُ، وَيَرْتَفِعُ بِمَا يُتَوَقَّعُ." (3)

(1) - جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (2/ 248)
(2) - غياث الأمم في التياث الظلم (ص: 106)
(3) - غياث الأمم في التياث الظلم (ص: 115)
اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 688
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست