اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 508
القرآن الكريم وهو يقرر: «إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ» .. «وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ» .. «وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ» .. «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ .. بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ» .. وفي القرآن كلمة الفصل .. ولا على المسلم من تميع المتميعين وتمييعهم لهذا اليقين! ويصور السياق القرآني تلك الحالة التي كانت واقعة والتي ينزل القرآن من أجلها بهذا التحذير: «فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ، يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ» .. روى ابن جرير عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: جَاءَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ مِنْ بَنِي الْحَرْثِ بْنِ الْخَزْرَجِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - , فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّ لِي مَوَالِيَ مِنْ يَهُودَ كَثِيرٌ عَدَدُهُمْ , وَإِنِّي أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنْ وِلَايَةِ يَهُودَ وَأَتَوَلَّى اللَّهَ وَرَسُولَهُ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ: إِنِّي رَجُلٌ أَخَافُ الدَّوَائِرَ , لَا أَبْرَأُ مِنْ وِلَايَةِ مَوَالِيَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ: " يَا أَبَاالْحُبَابِ مَا بَخِلْتَ بِهِ مِنْ وِلَايَةِ يَهُودَ عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَهُوَ إِلَيْكَ دُونَهُ " قَالَ: قَدْ قَبِلْتُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَى قَوْلِهِ: فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ " جَامِعُ الْبَيَانِ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ لِلطَّبَرِيِّ (11051) وفيه انقطاع (الظلال)
إن الغاية التي تسعد العالم كله هي دين الإسلام، ومن يرد دينا غير ذلك فلن يقبله الله منه. فإن كان هناك من لا يعجبه تقنين السماء ويقول مندهشا: إن في هذا التقنين قسوة؛ إنك تُقطع يد إنسان وتشوهه نرد على مثل هذا القائل: إن سيارة تصدم سيارة تشوه عشرات من البشر داخل السيارتين، أو قطار يصاب بكارثة فيشوه مئات من البشر.
ونحن عندما نبحث عن عدد الأيدي التي تم قطعها في تاريخ الإسلام كله، فلن نجدها إلا أقل كثيرا من عدد المشوهين بالحوادث، وأي ادعاء بالمحافظة على جمال الإنسان مسألة تثير السخرية؛ لأن تقنين قطع يد السارق استقامت به الحياة، بينما الحروب الناتجة عن الهوى شوهت وأفنت المئات والآلاف، إن مثل هذا القول سفسطة، هل معنى تشريع العقوبة أن يحدث الذنب؟ لا، إن تشريع العقوبة يعني تحذير الإنسان من أن يرتكب الذنب.
وعندما نقول لإنسان: «إن قتلت نفسا فسيتولى ولي الأمر قتلك» أليس في ذلك حفاظ على حياته وحياة الآخرين؟ وحين يحافظ التشريع على حياة فرد واحد فهو يحافظ في الوقت نفسه على حياة كل إنسان، يقول الله تعالى: {وَلَكُمْ فِي القصاص حَيَاةٌ ياأولي الألباب لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 179].
وهكذا يصبح هذا التقنين سليما غاية السلامة، إذن فقول الحق سبحانه: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} يدلنا على أن الذي يشرع تشريعا يناقض ما شرعه الله فكأنه خطأ الله فيما شرع، وكأنه قد قال لله: أنا أكثر حنانا على الخلق منك أيها الإله؛ لأنه قد فاتتك هذه المسألة.
اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 508