اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 256
هؤلاء الأراذل الأصاغر الأنذال يكسرون الأبواب ويقتحمون بيوت المسلمين ويهتكون أعراض الحرائر، ثم ينادي إخوانهن في: حارات دمشق الأبية، وحلب الحلوب بالأبطال، وحمص الحصينة، وحماة ذات الحميّة، ينادون "سلميّة، سلميّة"!! ما هكذا عهدناكم يا رجال الشام ..
{وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا} (النساء: 75) ..
لا يسلم العِرض الشَّريف من الأذى ... حتى يُراق على جوانبه الدَّمُ
قال تعالى {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ} (الشورى: 39) قال ابن كثير "أَيْ: فِيهِمْ قُوَّةُ الِانْتِصَارِ مِمَّنْ ظَلَمَهُمْ وَاعْتَدَى عَلَيْهِمْ، لَيْسُوا بِعَاجِزِينَ وَلَا أَذِلَّةٍ، بَلْ يَقْدِرُونَ عَلَى الِانْتِقَامِ مِمَّنْ بَغَى عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانُوا مع هذا إذا قدروا وعفوا." تفسير ابن كثير ت سلامة (7/ 211)
قال القرطبي في قوله تعالى:" أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ. الَّذِينَ أُخْرِجُوا «1» ... " الْآيَاتِ كُلَّهَا. وَقِيلَ: هُوَ عَامٌّ فِي بَغْيِ كُلِّ بَاغٍ مِنْ كَافِرٍ وَغَيْرِهِ، أَيْ إِذَا نَالَهُمْ ظُلْمٌ مِنْ ظَالِمٍ لَمْ يَسْتَسْلِمُوا لِظُلْمِهِ. وَهَذِهِ إِشَارَةٌ إِلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: ذَكَرَ اللَّهُ الِانْتِصَارَ فِي الْبَغْيِ فِي مَعْرِضِ الْمَدْحِ، وَذَكَرَ الْعَفْوَ عَنِ الْجُرْمِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِي مَعْرِضِ الْمَدْحِ، فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا رَافِعًا لِلْآخَرِ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ رَاجِعًا إِلَى حَالَتَيْنِ، إِحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ الْبَاغِي مُعْلِنًا بِالْفُجُورِ، وَقِحًا فِي الْجُمْهُورِ، مُؤْذِيًا لِلصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، فَيَكُونُ الِانْتِقَامُ مِنْهُ أَفْضَلَ. وَفِي مِثْلِهِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُذِلُّوا أَنْفُسَهُمْ فَتَجْتَرِئُ عَلَيْهِمُ الْفُسَّاقُ. تفسير القرطبي (16/ 39) وقال الشهيد سيد قطب رحمه الله: " وذكر هذه الصفة في القرآن المكي ذو دلالة خاصة كما سلف. فهي تقرير لصفة أساسية في الجماعة المسلمة. صفة الانتصار من البغي، وعدم الخضوع للظلم. وهذا طبيعي بالنسبة لجماعة أخرجت للناس لتكون خير أمة.
لتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتهيمن على حياة البشرية بالحق والعدل وهي عزيزة بالله. «وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ» .. فمن طبيعة هذه الجماعة ووظيفتها أن تنتصر من البغي وأن تدفع العدوان. وإذا كانت هناك فترة اقتضت لأسباب محلية في مكة، ولمقتضيات تربوية في حياة المسلمين الأوائل من العرب خاصة، أن يكفوا أيديهم ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فذلك أمر عارض لا يتعلق بخصائص الجماعة الثابتة الأصيلة.
ولقد كانت هنالك أسباب خاصة لاختيار أسلوب المسالمة والصبر في العهد المكي:
منها أن إيذاء المسلمين الأوائل وفتنتهم عن دينهم لم تكن تصدر من هيئة مسيطرة على الجماعة. فالوضع السياسي والاجتماعي في الجزيرة كان وضعا قبليا مخلخلا. ومن ثم كان الذين يتولون إيذاء
اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 256