responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 2287
يُنْكِرُ اللهُ تَعَالَى عَلَى مَنْ يَدِّعِي الإِيمَانَ بِاللهِ، وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، وَهُوَ مَعْ ذَلِكَ يُرِيدُ أنْ يَتَحَاكَمَ فِي فَصْل ِالخُصُومَاتِ إلى غَيْرِ كِتَابِ اللهِ، وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ.
(وَقِيلَ: إنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي أَنْصَاريٍّ وَيَهُودِيٍّ اخْتَلَفَا فِي شَيْءٍ، فَقَالَ اليَهُودِيُّ: بَيْنِي وَبَيْنَكَ مُحَمَّدٌ. وَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: بَيْنِي وَبَيْنَكَ كَعْبُ بْنُ الأَشْرَفِ (وَهُوَ مِنْ كُبَرَاءِ اليَهُودِ). وَيَذُمُّ اللهُ تَعَالَى الذِينَ يَعْدِلُونَ عَنْ شَرْعِ اللهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ، إلَى مَا سِوَاهُمَا مِنَ البِاطِلِ (وَهُوَ المُرَادٌ هُنَا بِالطَّاغُوتِ)، وَقَدْ أُمِرُوا بِأَنْ يَكْفُرُوا بِهِ، وَبِحُكْمِ الجَاهِلِيَّةِ، وََلَكِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْعُوهُمْ الى اتِّبَاعِهِ لِيُضِلَّهُمْ عَنْ دِينِهِمْ وَشَرْعِهِمْ وَهُدَى رَبِّهِمْ، وَيُبْعِدَهُمْ عَنْهَا.
وَإِذَا دُعِيَ هَؤُلاءِ - الذِينَ يَدَّعُونَ الإِيمَانَ، ثُمَّ يُرِيدُونَ التَّحَاكُمَ إلى الطَّاغُوتِ - إلى رَسُولِ اللهِ لِلتَّحَاكُمِ لَدَيْهِ، وِفْقاً لِمَا شَرَعَ اللهُ، اسْتَكْبَرُوا وَأَعْرَضُوا وَرَغِبُوا عَنْ حُكْمِ رَسُولِ اللهِ إَعْرَاضاً مُتَعَمَّداً مِنْهُمْ.
فَكَيْفَ يَكُونُ حَالُهُمْ إذَا سَاقَتْهُمُ المَقَادِيرُ إلَيكَ فِي مَصَائِبَ تَحِلُّ بِهِمْ بِسَبَبِ ذُنُوبِهِمْ، وَاحْتَاجُوا إِلَيْكَ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ جَاؤُوكَ يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكَ، وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ أَنَّهُمْ مَا أَرَادُوا بِذَهَابِهِمْ إلى غَيْرِكَ، وَبِتَحَاكُمِهِمْ إلَى أَعْدَائِكَ، إلا المُدَارَاةَ وَالمُصَانَعَةَ (إحْسَاناً وَتَوْفِيقاً)، لاَ اعْتِقَاداً مِنْهُمْ بِصِحَّةِ تِلْكَ الحُكُومَةِ.
وَهَذَا الضَّرْبُ مِنَ النَّاسِ هُمُ المُنَافِقٌُونَ، وَاللهُ وَحْدَهُ يَعْلَمُ مَبْلَغَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الكُفْرِ وَالحِقْدِ وَالكَيْدِ، وَسَيَجْزِيهِمْ عَلَى ذَلِكَ، فَإنَّهُ لاَ تَخْفَى عَلَيهِ مِنْهُمْ خَافِيةٌ. ثُمَّ يَدْعُو اللهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم إلى مُعَامَلَتِهِمْ:
- أَوْلاً: بِالإِعْرَاضِ عَنْهُمْ وَعَدَمِ الإِقْبَالِ عَلَيْهِمْ بِالبَشَاشَةِ وَالتَّكْرِيمِ، وَهَذَا النَّوعُ مِنَ المُعَامُلَةِ يُثِيرُ فِي نُفُوسِهِمُ الهَوَاجِسَ وَالشُّكُوكَ وَالظُّنُونَ.
- ثُمَّ بِالنُّصْحِ وَالتَّذْكِيرِ بِالخَيْرِ، عَلَى وَجْهٍ تَرِقُّ لَهُ قُلُوبُهُمْ، وَيَبْعَثُهُمْ عَلَى التَّأمُّلِ فِيمَا يُلْقَى إِلَيْهِمْ مِنَ العِظَاتِ.
- ثُمَّ بِالقَوْلِ البَلِيغِ، الذِي يُؤَثِّرُ فِي نُفُوسِهِمْ، كَالتَّوَعُّدِ بِالقّتْلِ، وَالاسْتِئْصَالِ إنْ ظَهَرَ مِنْهُمْ نِفَاقٌ، وَأنْ يُخْبِرَهُمْ أنَّ اللهَ عَالِمٌ بِمَا فِي نُفُوسِهِمْ.
مِنْ سُنَّةِ اللهِ فِي رُسُلِهِ أنَّهُ لاَ يُرْسِلُهُمْ إلاَّ لِيُطَاعُوا بِإِذْنِ اللهِ، فَمَنْ خَرَجَ عَنْ طَاعَتِهِمْ، أَوْ رَغِبَ عَنْ حُكْمِهِمْ، خَرَجَ عَنْ حُكْمِ اللهِ وَسُنَّتِهِ، وَارْتَكَبَ إثْماً عَظِيماً. وَلًوْ أنَّ هَؤُلاءِ القَوْمَ، حِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ، وَرَغِبُوا عَنْ حُكْمِ رَسُولِ اللهِ إلى حُكْمِ الطَّاغُوتِ، جَاؤُوا الرَّسُولَ، عَقِبَ الذَّنْبِ مُبَاشَرَةً، فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ مِنْ ذُنُوبِهِمْ، وَأَظْهَرُوا نَدَمَهُمْ عَلَى مَا فَرَطَ مِنْهُمْ لِلرَّسُولِ لِيَصْفَحَ عَنْهُمْ، لاعْتِدَائِهِمْ عَلَى حَقْهِ، وَلِيَدْعُوَ لَهُمْ بِالمَغْفِرَةِ، وَلَوْ أنَّ الرَّسُولَ دَعَا لَهُمْ بِالمَغْفِرَةِ، لَتَقَبَّلَ اللهُ تَوْبَتَهُمْ، وَلَغَمَرَهُمْ بِفَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ، وَلَشَمِلَهُمْ بِعَفْوِهِ، فَرَحْمَةُ اللهِ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ (وَسَمَّى اللهُ تَعَالَى تَرْكَ طَاعَةِ الرَّسُولِ ظُلْماً لِلنَّفْسِ أَيْ إِفْسَاداً لَهَا).

اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 2287
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست