responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 1855
مراتب الصبر وأنواعه في القرآن الكريم
أما مراتبه فهي ثلاثة كما ذكر ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (2/ 156):
فهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ: صَبْرٌ بِاللَّهِ. وَصَبْرٌ لِلَّهِ. وَصَبْرٌ مَعَ اللَّهِ.
فَالْأَوَّلُ: صَبْرُ الِاسْتِعَانَةِ بِهِ، وَرُؤْيَتُهُ أَنَّهُ هُوَ الْمُصَبِّرُ، وَأَنَّ صَبْرَ الْعَبْدِ بِرَبِّهِ لَا بِنَفْسِهِ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ} [النحل: 127] يَعْنِي إِنْ لَمْ يُصَبِّرْكَ هُوَ لَمْ تَصْبِرْ.
وَالثَّانِي: الصَّبْرُ لِلَّهِ. وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْبَاعِثُ لَهُ عَلَى الصَّبْرِ مَحَبَّةَ اللَّهِ، وَإِرَادَةَ وَجْهِهِ. وَالتَّقَرُّبَ إِلَيْهِ. لَا لِإِظْهَارِهِ قُوَّةَ النَّفْسِ، وَالِاسْتِحْمَادَ إِلَى الْخَلْقِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْرَاضِ.
وَالثَّالِثُ: الصَّبْرُ مَعَ اللَّهِ. وَهُوَ دَوَرَانُ الْعَبْدِ مَعَ مُرَادِ اللَّهِ الدِّينِيِّ مِنْهُ. وَمَعَ أَحْكَامِهِ الدِّينِيَّةِ. صَابِرًا نَفْسَهُ مَعَهَا، سَائِرًا بِسَيْرِهَا. مُقِيمًا بِإِقَامَتِهَا. يَتَوَجَّهُ مَعَهَا أَيْنَ تَوَجَّهَتْ رَكَائِبُهَا. وَيَنْزِلُ مَعَهَا أَيْنَ اسْتَقَلَّتْ مَضَارِبُهَا.
فَهَذَا مَعْنَى كَوْنِهِ صَابِرًا مَعَ اللَّهِ؛ أَيْ قَدْ جَعَلَ نَفْسَهُ وَقْفًا عَلَى أَوَامِرِهِ وَمَحَابِّهِ. وَهُوَ أَشَدُّ أَنْوَاعِ الصَّبْرِ وَأَصْعَبِهَا. وَهُوَ صَبْرُ الصِّدِّيقِينَ.
قَالَ الْجُنَيْدُ: الْمَسِيرُ مِنَ الدُّنْيَا إِلَى الْآخِرَةِ سَهْلٌ هَيِّنٌ عَلَى الْمُؤْمِنِ. وَهِجْرَانُ الْخَلْقِ فِي جَنْبِ اللَّهِ شَدِيدٌ، وَالْمَسِيرُ مِنَ النَّفْسِ إِلَى اللَّهِ صَعْبٌ شَدِيدٌ. وَالصَّبْرُ مَعَ اللَّهِ أَشَدُّ.).الرسالة القشيرية (1/ 322)
وأما الصبر في القرآن الكريم فهو على ستة عشر نوعاً:
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: الصَّبْرُ فِي الْقُرْآنِ فِي نَحْوِ تِسْعِينَ مَوْضِعًا.
وَهُوَ وَاجِبٌ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ. وَهُوَ نِصْفُ الْإِيمَانِ. فَإِنَّ الْإِيمَانَ نِصْفَانِ: نِصْفُ صَبْرٍ، وَنِصْفُ شُكْرٍ.
وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْقُرْآنِ عَلَى سِتَّةَ عَشَرَ نَوْعًا:
الْأَوَّلُ: الْأَمْرُ بِهِ. نَحْوُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} [البقرة: 153] وَقَوْلِهِ: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} [البقرة: 45]. وَقَوْلُهُ: {اصْبِرُوا وَصَابِرُوا} [آل عمران: 200] وَقَوْلُهُ: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ} [النحل: 127].
الثَّانِي: النَّهْيُ عَنْ ضِدِّهِ كَقَوْلِهِ: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ} [الأحقاف: 35]، وَقَوْلِهِ: {فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ} [الأنفال: 15]، فَإِنَّ تَوْلِيَةَ الْأَدْبَارِ: تَرْكٌ لِلصَّبْرِ وَالْمُصَابَرَةِ. وَقَوْلِهِ: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] فَإِنَّ إِبْطَالَهَا تَرْكُ الصَّبْرِ عَلَى إِتْمَامِهَا. وَقَوْلِهِ: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا} [آل عمران: 139] فَإِنَّ الْوَهْنَ مِنْ عَدَمِ الصَّبْرِ.

اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 1855
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست