responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 1853
السوري بأبعاده كافة الإسلامية والاجتماعية والسياسة. كما أنه قاد على الصعيد الإسلامي حركة إصلاح ديني فقاوم البدع والتقاليد البالية، وارتقى بالخطاب الإسلامي إلى مستوى العصر الذي يعيشه المسلمون، وأعطى الدعوة من روحه وعقله وعصبه مما أهلها أن تكون من الحركات الإسلامية المؤثرة في العالم العربي والإسلامي.
توفي السباعي إثر مرض ألم به يوم السبت الثالث من تشرين الأول عام 1964.
ولنقرأ ماكتبه الشيخ محمد المجذوب يرحمه الله أحد إخوة الشيخ السباعي المعاصرين له، والذين لهم تفاعل مباشر معه .. يقول واصفاً جنازته يرحمه الله:
( .... ووصلت دمشق ظهر اليوم التالي، ولم أعرف مكان الجثمان إلا من انقطاع حركة المواصلات في شارع مدحت باشا. وسرعان ما ابتلعني موكب الجنازة العزيزة كقطرة الماء لامست السيل الهادر، الذي ما لبث أن ملأ شارع الحميدية حتى قلب الجامع الأموي ‌ .. ‌وأبت دمشق الوفية المؤمنة أن تحمل السيارة جسد البطل الذي طالما هز منابرها وأثار عزائمها وحفز شبابها لاستعادة مكانتها في خدمة الإسلام، وتحرير أرض الإسلام، فإذا هي تتداول نعشه على الراح حتى المقبرة، التي ضمت من قبله أجساد الأباة من صحابة محمد صلى الله عليه وسلم وتابعيهم وتابعي تابعيهم من أعلام الهداة.
وفي غمرة الأنين والنشيج وانطلاقات الأصوات المؤمنة بشعارات السماء، التي وقف الفقيد حياته الغالية على تركيزها وتحقيقها، والتي بذل في نصرتها آخر أنفاسه في لحظاته الأخيرة .. وجدتني أتساءل وأتذكر.
أتساءل عن السر الذي يحفز هذه السيول من الجموع على تحمل الحر والزحام طوال ساعات، لا تفارق الموكب الحزين حتى تودع الثرى جثمان الرجل، الذي زحفت لتشييعه من أنحاء القطر السوري، ومن كل بلد مجاور اتسع وقته وظروفه للمشاركة في هذا التشييع؟
أتقديراً لعلم الفقيد .. وقد كان من العلم في المكان المرموق .....
أتعظيماً لجاه ناله من الدنيا!!!!!؟ وقد كان له الجاه الذي يغبطه عليه الكثيرون من أهل الدنيا ‌؟
أم تزلفاً إلى قوم من الأحياء يبتغون لديهم المنفعة بهذه المشاركة!!!!؟ ولكن كثيراً من العلماء الكبار يموتون كل يوم .. فما يكاد يحس بهم أحد .. وأكثر من هؤلاء أصحاب الجاه الذين تسنموا بالحق أو بالباطل أرفع المنازل، ثم ذهبوا من هذه الدنيا أذلة لا يكاد يذكرهم أحد، إلا عند تعداد السيئات .. وتوزيع اللعنات ‌؟
وأما المنفعة فهي أبعد الأشياء عن هذه المناسبة .. بل لعل ضررها على المشارك فيها هو الشيء الطبيعي، الذي لا ينبغي أن نتوقع سواه.
والحق الذي يحسه كل ذي ضمير، ويدركه كل ذي تفكير، هو أن هذه الآلاف المؤلفة إنما زحفت ونصبت وصبرت تمجيداً للفكرة التي دفع السباعي حياته كلها ثمناً لها، وأذاب قلبه الكبير وقوداً

اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 1853
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست