اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 1572
الشريعة وحقوق الإنسان
ما أن تمكن الثوار الليبيون من التخلص من نظام الطاغية "القذافي" وتحرير البلد جميعه من آخر جيوب النظام وقتل الطاغية نفسه حتى أعلن رئيس المجلس الانتقالي أن الحكم في ليبيا سيلتزم بالشريعة الإسلامية ومن نتائج ذلك أن كل ما يخالف الشريعة باطل، لأن الليبيين كلهم مسلمون مستمسكون بدينهم، ما أن تكلم بذلك رئس المجلس الانتقالي الليبي حتى سمعنا عواءً ونباحا ًوفحيحاً صادراً من دول نصرانية تحذر من تجاوز حقوق الانسان في ليبيا وأن تلك الحقوق ستكون في خطر معرضة للضياع.
فمن ناحية شكلية قبل المضمون نقول: الذي أعلن ذلك هو قيادة ليبية معترف بها ليبيا ودولياً وأعلنها في ليبيا وسيطبقها على الليبيين أنفسهم الذين يتوقون إلى أن تحكمهم الشريعة التي يدينون بها، فما دخل هؤلاء العاوين النابحين البلد ليس بلدهم والشعب ليس شعبهم ولم يستنجد بهم أحد من الليبيين كما لم يفوضهم أحد، وهذا مما يعدونه تدخلاً في شئون الغير، فما الذي حملهم على ذلك؟ هل هو ما يعلنونه ويظهرونه أم كراهيتهم لدين الحق أن يظهر ويسود، ولو أن دولة من دولهم أعلنت عن تطبيق قانون ما فلن يقبلوا أن يعترض عليهم أحد من المسلمين تحت أي دعوى، ثم نقول لهؤلاء النابحين أين كنتم عندما قامت دولة فرنسا النصرانية بمنع المسلمات الفرنسيات من ارتداء الزي الذي يلزمهن به دينهن وحددت لذلك عقوبة وهي غرامة مالية لكل من ترتدي هذا الزي ألا يدخل اللباس الذي يختاره المرء ضمن حدود حقوق الإنسان؟ وأين كنتم عندما منعت سويسرا النصرانية المسلمين من بناء مآذن لمساجدهم؟ أليس من حق كل إنسان عندكم أن يكون له الحق في بناء المعبد الذي يتعبد فيه بالطريقة التي يرتاح لها ويرى أنها محققة وموافقة لدينه، إننا عندما نسمع هؤلاء وهم يتباكون على حقوق الانسان نعلم ونستيقن أنهم كذبة منافقون فما رأينا منهم يوماً احتراماً لحقوق الإنسان المسلم سواء في بلدانهم أو في بلدان المسلمين.
إن المسلم ليتعجب أشد العجب ممن يجعل من حقوق الانسان التعري كيفما شاء وارتكاب الفحشاء على النحو الذي يريد، في الوقت الذي يمنع فيه من الزواج بأكثر من واحدة فهو يبيحها عشيقة ويحرمها زوجة، ويجعل ارتكاب الفواحش من حقوق الانسان بينما يكون الزواج بأكثر من امرأة اعتداء على حقوق الإنسان، وعندما تنظر من ناحية الشكل تجد الصورة واحدة فرجل يعاشر أكثر من امرأة منها صورة تعد موافقة لحقوق الإنسان ولا تعارضها وصورة تناقض حقوق الإنسان وتكون خطرا عليها، فالصورة التي تكون إحدى النساء زوجة والمتبقيات عشيقات أو محظيات صورة مقبولة من وجهة نظر حقوق الإنسان بينما الصورة التي تكون فيها تلك النساء زوجات لهن حقوق ثابتة على الزوج ويتمتع الأطفال بحق الانتساب إلى الآباء صورة غير مقبولة من وجهة نظر حقوق الإنسان ألا تباً لهذا الإنسان وبعداً وسحقاً لتلك الحقوق الفاسدة المفسدة.
اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 1572