responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 1562
كان يرفض أن يتحول إلى قاتل لأبناء بلده، فاهتدى إلى الأسلوب الأقذر الذى كانت تستخدمه الأنظمة الشيوعية البائدة ومازال يستخدم حتى الآن فى كثير من دول العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، وهو المجاء بالأيتام من الملاجئ وإدخالهم فى مقتبل عمرهم إلى محاضن عسكرية خاصة، وتنشئتهم على الولاء المطلق بطريقة تجعلهم لا يرون من الدنيا سوى صورة الزعيم أو ما يريده، وترسخ لديهم الكراهية الشديدة لكل ما سواهم من البشر، حتى إنهم يكرهون أنفسهم، وما عليهم سوى أن يقوموا بتنفيذ كل ما يصدر إليهم من أوامر، فيعاملون كمنبوذين لا أهل لهم وينشؤون على كراهية البشر، ويتم إغراقهم فى الشهوات والملذات وإبعادهم عن كل ما يمت للإنسانية من أخلاق ومواصفات، ولأن ليبيا لم تكن كافية لتحقيق رغبات القذافى بأعداد كافية من هؤلاء الذين عادة ما يكونون من اللقطاء كان يتم جلبهم من الدول الإفريقية ومن أوروبا الشرقية وأمريكا الجنوبية وأنحاء متفرقة من العالم، ولأنه يجب أن يكون هناك غطاء لهؤلاء فقد كان الغطاء عبارة عن مؤسسات أيتام دولية أسسها القذافى لتقوم بجلب هؤلاء إلى ليبيا على أنها ترعاهم، وكانت تفاصيل كل هذه العمليات سرية للغاية، وكان يُجلب هؤلاء إلى تلك المحاضن، ويقوم رجال مدربون جلبهم القذافى من أنحاء الدنيا لإعداد هؤلاء ليكونوا خط الدفاع الرئيسى لرجل كان يكره شعبه، ويعرف أن شعبه يوما ما سيثور عليه ويجلبه إلى ساحة العدالة، ومن ثم يجب أن يكون لديه جيشه الخاص الذى يدافع عنه إلى آخر رجل، نجح القذافى بشكل كبير فى تحقيق مراده، ولأنه كان يعبث بكل شاء فقد نسب هؤلاء اللقطاء الذين جلبهم من أنحاء الدنيا إلى القبائل الليبية الأصيلة، وأصدر لهم الشهادات والوثائق التى تدل على الهويات الجديدة التى منحها لهم، وجعلهم ينخرطون بالدرجة الأولى فى كل الجهات الأمنية والعسكرية وأنشأ لهم كتائب خاصة، جعل لكل واحد من أولاده كتيبة تخصه وجعل الكتيبة الكبرى وهى كتيبة «محمد» كما كان يطلق عليها هى المسؤولة عن حماية مقره الرئيسى فى «باب العزيزية»، سلحها بأقوى الأسلحة والمعدات وجلب لها أعتى المدربين، ومع ذلك انهارت فى النهاية كما تنهار بيوت الرمال أمام موجات البحر الجارفة. حدثنى أحد قادة الثوار فى بنغازى أنهم فوجئوا بكميات هائلة من الخمور وحبوب الهلوسة والفياجرا فى المعسكرات التى سقطت فى أيديهم فى البداية، مما يعنى أن اللهو والمجون كان هو العنصر المسيطر على ولاء الكتائب للنظام. روى لى أحد الليبيين أنه كان يعذب فى سجون القذافى فناشد الجندى الذى يعذبه قائلا له «لا تعذبنى يرحم والديك فأنا إنسان مثلك»، فرد عليه الجندى الذى يعذبه قائلا «ليس لى والدان»، فهذه صورة تبين نوعية هؤلاء اللقطاء الذين جلبهم القذافى ليعذب ويقتل بهم الشعب الليبى، ولعل هذا يُميط اللثام ويجيب عن تساؤل طالما يدور فى أذهان الناس: من هم كتائب القذافى؟ ولماذا يقاتلون بهذه الشراسة؟ ولماذا يدمرون فى ليبيا ويقتلون الشعب الليبى بهذه الوحشية؟ لقد انتهى القذافى كحاكم طاغ مستبد وانتهت كتائبه وسيذهبون لمزبلة التاريخ، لكن التحديات التى أمام الشعب الليبى ليعيد بناء بلده مرة أخرى تحديات

اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 1562
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست