responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 1372
السياسية، بل هي دولة مدنية، فالمرجعية السياسية فيها للأمة، حيث تنتخب الأمة فيها السلطة بالشورى والاختيار، لا بالتفويض الإلهي، ولا بواسطة رجال الدين، وهي كذلك دولة قائمة على مرجعية الإسلام الدستورية والتشريعية، فهي دولة مدنية سياسيا، وإسلامية تشريعيا، فالأمة مصدر السلطات الثلاث (السلطة السياسية التنفيذية، والسلطة الرقابية والتنظيمية، والسلطة القضائية)، والإسلام هو مصدر التشريع الأعلى، والمرجع القانوني الأسمى.
والسبب الذي جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يضع دستور المدينة أول دخوله إليها، هو كونه كما وصفه الله ليس بجبار، ولا ملك، ولا مسيطر، {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ} [الغاشية: 22]، {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} [ق: 45]، والجبار هو الملك، وقد بايعه أهل المدينة المؤمنون به في العقبة الثانية على عقد سياسي، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: «بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ، وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ، وَعَلَى أَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَعَلَى أَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ، وَعَلَى أَنْ نَقُولَ بِالْحَقِّ أَيْنَمَا كُنَّا، لَا نَخَافُ فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ» (1)
وعَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَهُوَ مَرِيضٌ، قُلْنَا: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، حَدِّثْ بِحَدِيثٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِ، سَمِعْتَهُ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: دَعَانَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَايَعْنَاهُ، فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا: «أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةً عَلَيْنَا، وَأَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا، عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ» (2)
فكانت العلاقة السياسية التي قامت بناء عليها دولة المدينة، علاقة تعاقدية بين الأمة من المؤمنين من جهة، والسلطة والإمام من جهة أخرى، لا تنازع فيها للأمر والسلطة، بل هو شورى، كما لا يغيب دور الأمة ومسئوليتها بعد العقد للسلطة وبيعتها على السمع والطاعة، بل تظل الأمة قائمة بالحق لا تخاف في الله لومة لائم، وهذه العلاقة قائمة مع السلطة ما لم تخرج عن الشريعة والعدل والقسط الذي جاءت به، فإن خرجت فلا سمع لها ولا طاعة ..
فلما دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة وجد مكونات اجتماعية أخرى، لم تؤمن به ولم تبايعه بالرضا والاختيار على السمع والطاعة، وليس هو بجبار ولا مسيطر سياسيا، ولا إكراه في الدين عقائديا، فكان لا بد وفق هدايات القرآن الذي جاء بالعدل والقسط أن تقوم العلاقة مع هذه المكونات التي لا تؤمن به نبيا

(1) - اصحيح البخاري (9/ 77) (7199) وصحيح مسلم (3/ 1470) 41 - (1709)
(2) - صحيح البخاري (9/ 47) (7055,7056) وصحيح مسلم (3/ 1470) 42 - (1709)
[ش (أصلحك الله) كلمة اعتادوا أن يقولوها عند الطلب أو المراد الدعاء له بإصلاح جسمه ليعافى من مرضه. (أخذ علينا) اشترط علينا. (على السمع والطاعة) لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم. (منشطنا) حالة نشاطنا. (مكرهنا) في الأشياء التي نكرهها وتشق علينا. (أثرة علينا) استئثار الأمراء بحظوظهم واختصاصهم إياها بأنفسهم أي ولو منعنا حقوقنا. (الأمر) الملك والإمارة. (كفرا) منكرا محققا تعلمونه من قواعد الإسلام فتكون المنازعة بالإنكار عليهم. أو كفرا ظاهرا فينازعون بالقتال والخروج عليهم وخلعهم. (بواحا) ظاهرا وباديا. (برهان) نص آية أو خبر صحيح لا يحتمل التأويل]
اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 1372
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست