اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 1370
وَأَنَّهُ مَنْ خَرَجَ آمِنٌ، وَمَنْ قَعَدَ بِالْمَدِينَةِ أُمِّنَ أَبَرَّ الْأَمْنِ، إِلَّا ظَالِمًا وَآثِمًا، وَأَنَّ أَوْلَاهُمُ بِهَذِهِ الصَّحِيفَةِ الْبَرُّ الْمُحْسِنُ» (1)
وقد تضمنت كل المبادئ الدستورية التي تنظم علاقة السلطة بالمجتمع ومن ذلك:
1 - التأكيد على الطبيعة التعاقدية بين كل مكونات المجتمع الجديد على اختلاف فئاتهم وأديانهم، قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كِتَابًا بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَادَعَ فِيهِ يَهُودَ وَعَاهَدَهُمْ، وأقرَّهم عَلَى دِينِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَشَرَطَ لَهُمْ، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ .. " (2)
2 - وقيام العلاقة على أساس مفهوم الأمة الواحدة والشعب الواحد، لا فرق بين مواطن ومهاجر، في حقوق المواطنة (هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ مِنْ قُرَيْشٍ وَيَثْرِبَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ، فَلَحِقَ بِهِمْ، وَجَاهَدَ مَعَهُمْ، إنَّهُمْ أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ دُونِ النَّاسِ.
3 - وتقرير مبدأ حقوق المواطنة للجميع، فلا فرق بين مسلم وغير مسلم، بل الجميع أسوة وسواء بالمعروف والعدل (وَإِنَّهُ مَنْ تَبِعَنَا مِنْ يَهُودَ فَإِنَّ لَهُ النَّصْرَ وَالْأُسْوَةَ، غَيْرَ مَظْلُومِينَ وَلَا مُتَنَاصَرِينَ عَلَيْهِمْ ... وَإِنَّ يهودَ بَنِي عَوْف أُمَّةٌ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ لِلْيَهُودِ دِينُهُمْ، وَلِلْمُسْلِمَيْنِ دِينُهُمْ مَوَالِيهِمْ وَأَنْفُسُهُمْ، إلَّا مَنْ ظَلم وأثِم، فَإِنَّهُ لَا يُوتِغإلَّا نفسَه، وأهلَ بَيْتِهِ .. وَإِنَّ بَيْنَهُمْ النَّصْرَ عَلَى مَنْ حَارَبَ أَهْلَ هَذِهِ الصَّحِيفَةِ. وَإِنَّ بَيْنَهُمْ النُّصْحَ وَالنَّصِيحَةَ، وَالْبِرَّ دُونَ الْإِثْمِ، وَإِنَّهُ لَمْ يَأْثَمْ امْرُؤٌ بِحَلِيفِهِ، وَإِنَّ النَّصْرَ لِلْمَظْلُومِ، وَإِنَّ الْيَهُودَ يُنْفِقُونَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ مَا دَامُوا مُحَارَبِينَ،)، وفي رواية أبي عبيد في كتاب الأموال عن مغازي الزهري (وَأَنَّ يَهُودَ بَنِي عَوْفٍ أُمَّةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، لِلْيَهُودِ دِينُهُمْ وَلِلْمُؤْمِنِينَ دِينُهُمْ، وَمَوَالِيهِمْ وَأَنْفُسُهُمْ، إِلَّا مَنْ ظَلَمَ وَأَثِمَ فَإِنَّهُ لَا يَوْتِغُ إِلَّا نَفْسَهُ وَأَهْلَ بَيْتِهِ،)، قال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام (إِنَّمَا أَرَادَ نَصْرَهُمُ الْمُؤْمِنِينَ، وَمُعَاوَنَتَهُمْ إِيَّاهُمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ، بِالنَّفَقَةِ الَّتِي شَرَطَهَا عَلَيْهِمْ، فَأَمَّا الدَّيْنُ فَلَيْسُوا مِنْهُ فِي شَيْءٍ، أَلَا تَرَاهُ قَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فَقَالَ: «لِلْيَهُودِ دِينُهُمْ , وَلِلْمُؤْمِنِينَ دِينُهُمْ»).
فالمراد هنا إثبات أن يهود المدينة أمة مع المؤمنين، وأمة من المؤمنين في المواطنة في الدولة، وفي الحقوق والواجبات السياسية العامة، لا في الدين حيث لكل أمة دينها، ولا إكراه في الدين، وقد قامت هذه الضريبة والالتزامات المالية والقتالية الطوعية من اليهود بناء على هذا التعاقد السياسي تجاه دولة المدينة في تقرير حقوق المواطنة لهم، ولهذا لم تفرض عليهم الجزية، وكان يسهم لهم في المغانم، كما قال أبو عبيد في كتاب الأموال (وَنَرَى أَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ يُسْهِمُ لِلْيَهُودِ إِذَا غَزَوْا مَعَ الْمُسْلِمِينَ لِهَذَا الشَّرْطِ الَّذِي شَرَطَ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّفَقَةِ) ..
4 - وإقرار الحرية الدينية للجميع (لِلْيَهُودِ دِينُهُمْ وَلِلْمُسْلِمِينَ دِينُهُمْ مَوَالِيهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ،).
(1) - الأموال لابن زنجويه (2/ 469) (750) صحيح لغيره وهذا صحيح مرسل
(2) - سيرة ابن هشام ت طه عبد الرؤوف سعد (2/ 106)
اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 1370