اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 1350
أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى} الآية [سورة سبأ آية:46]،وقال: {وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ} [سورة العنكبوت آية:6] [1].
وقال صديق حسن خان:" الأدلة الدالة على وجوب الجهاد من الكتاب والسنة وعلى فضيلته والترغيب فيه وردت غير مقيدة بكون السلطان أو أمير الجيش عادلا بل هذه فريضة من فرائض الدين أوجبها الله على عبادة المسلمين من غير تقيد بزمن أو مكان أو شخص أو عدل أو جور فتخصيص وجوب الجهاد يكون السلطان عادلا ليس عليه أثارة من علم " [2].
فالجهاد ماض إلى قيام الساعة، سواء وجد إمام أو لم يوجد، وسواء وجدت هناك راية أو لم توجد.
وقد استدل شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وعبد الرحمن بن حسن وغيرهم من الأئمة، بقصة أبي بصير _رضي الله عنه_ وجهاده المشركين بمن معه من المؤمنين، وقطعهم الطريق عليهم، قال ابن القيم:" وَمِنْهَا: أَنَّ الْمُعَاهَدِينَ إِذَا عَاهَدُوا الْإِمَامَ فَخَرَجَتْ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ، فَحَارَبَتْهُمْ وَغَنِمَتْ أَمْوَالَهُمْ، وَلَمْ يَتَحَيَّزُوا إِلَى الْإِمَامِ، لَمْ يَجِبْ عَلَى الْإِمَامِ دَفْعُهُمْ عَنْهُمْ وَمَنْعُهُمْ مِنْهُمْ، وَسَوَاءٌ دَخَلُوا فِي عَقْدِ الْإِمَامِ وَعَهْدِهِ وَدِينِهِ أَوْ لَمْ يَدْخُلُوا، وَالْعَهْدُ الَّذِي كَانَ بَيْنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ لَمْ يَكُنْ عَهْدًا بَيْنَ أبي بصير وَأَصْحَابِهِ وَبَيْنَهُمْ، وَعَلَى هَذَا فَإِذَا كَانَ بَيْنَ بَعْضِ مُلُوكِ الْمُسْلِمِينَ وَبَعْضِ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنَ النَّصَارَى وَغَيْرِهِمْ عَهْدٌ جَازَ لِمَلِكٍ آخَرَ مِنْ مُلُوكِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَغْزُوَهُمْ وَيَغْنَمَ أَمْوَالَهُمْ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ عَهْدٌ، كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي نَصَارَى مَلَطْيَةَ وَسَبْيِهِمْ، مُسْتَدِلًّا بِقِصَّةِ أبي بصير مَعَ الْمُشْرِكِينَ." (3)
حتى قال النبي _صلى الله عليه وسلم_ في شأنه "وَيْلُ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ، لَوْ كَانَ لَهُ أَحَدٌ» فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ عَرَفَ أَنَّهُ سَيَرُدُّهُ إِلَيْهِمْ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى سِيفَ البَحْرِ قَالَ: وَيَنْفَلِتُ مِنْهُمْ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلٍ، فَلَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ، فَجَعَلَ لاَ يَخْرُجُ مِنْ قُرَيْشٍ رَجُلٌ قَدْ أَسْلَمَ إِلَّا لَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ، حَتَّى اجْتَمَعَتْ مِنْهُمْ عِصَابَةٌ، فَوَاللَّهِ مَا يَسْمَعُونَ بِعِيرٍ خَرَجَتْ لِقُرَيْشٍ إِلَى الشَّأْمِ إِلَّا اعْتَرَضُوا لَهَا، فَقَتَلُوهُمْ وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ .. " (4)
ولم يكن أبو بصير _رضي الله عنه_ تحت ولاية النبي _صلى الله عليه وسلم_ ولا في دار الإسلام، ولم يكن إماماً، ولم تكن معه راية، بل كان يُغِيرُ على المشركين ويقاتلهم ويغنم منهم واستقل بحربهم، ومع ذلك أقره النبي _صلى الله عليه وسلم_ وأثنى عليه، قال عبد الرحمن بن حسن مستدلاً بهذه القصة:" [1] - الدرر السنية في الأجوبة النجدية (8/ 199) ووفتاوى واستشارات الإسلام اليوم (7/ 402) وفتاوى واستشارات الإسلام اليوم (7/ 471 [2] - الأدلة الرضية لمتن الدرر البهية في المسائل الفقهية (ص: 218) والروضة الندية شرح الدرر البهية ط المعرفة (2/ 333) والدراري المضية شرح الدرر البهية (2/ 440)
(3) - زاد المعاد في هدي خير العباد (3/ 274)
(4) - صحيح البخاري (3/ 193) (2731)
اسم الکتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 1350