اسم الکتاب : بين العقيدة والقيادة المؤلف : محمود شيت خطاب الجزء : 1 صفحة : 147
وعداوتهم، ولم يطب نفساً بإسلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم ولا خذلانه [1]، ولكنه قال له: "يا ابن أخي! إن قومك قد جاؤوني، فقالوا لي كذا وكذا، فابْقِ عليَّ وعلى نفسك، ولا تحمِّلني من الأمر ما لا أطيق"، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا عم! والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري، على أن أترك هذا الأمر حتى يُظهره الله أو أهلك دونه، ما تركته" [2].
وجعل قريش يجلسون بِسُبل [3] الناس حين قدموا الموسم، لا يمر بهم أحد إلا حذَّروه إياه وذكروا له أمره [4]. وأغرى رجال قريش برسول الله صلى الله عليه وسلم سفهاءهم، فكذّبوه وآذوه، ورموه بالشعر والسحر والكهانة والجنون، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - مظهر لأمر الله لا يستخفي به، مُبادٍ لهم بما يكرهون من عيب دينهم واعتزال أوثانهم وفراقه إياهم على كفرهم. وطلع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً، فوثبوا عليه وثبة رجل واحد، وأحاطوا به يقولون: "أأنت الذي تقول كذا وكذا؟! "، لِمَا كان يقول من عيب آلهتهم ودينهم، فيقول: "نعم، أنا الذي أقول ذلك"، فأخذ رجل منهم بمجمع ردائه، فقام أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - دونه وهو يبكي ويقول: "أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله؟! " [5].
وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً، فلم يلقه أحد من الناس إلا كذّبه [1] خذلانه: تركه. تقول: خذلت الرجل، إذا تركته ولم تنصره. [2] سيرة ابن هشام 1/ 278. [3] السبل: جمع سبيل، وهي الطرق. [4] سيرة ابن هشام 1/ 284. [5] سيرة ابن هشام 1/ 309 - 311.
اسم الکتاب : بين العقيدة والقيادة المؤلف : محمود شيت خطاب الجزء : 1 صفحة : 147