اسم الکتاب : تبصير المؤمنين بفقه النصر والتمكين في القرآن الكريم المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 518
القول، وإن الطاغوت لا يقوم إلا في غيبة الدين القيم والعقيدة الصالحة عن قلوب الناس، فما يمكن أن يقوم وقد استقر في اعتقاد الناس فعلاً أن الحكم لله وحده، لأن العبادة لا تكون إلا لله وحده، والخضوع للحكم عبادة، بل هي [1] أصل مدلول العبادة» [2].
لقد نزل القرآن الكريم من أجل تحقيق العبودية والحاكمية لله تعالى، قال سبحانه: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ - أَلاَ للهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر: [2]، [3]] وقال سبحانه: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ} [النساء: 105] فكما أن تحقيق العبودية غاية من إنزال الكتاب فكذلك تطبيق الحاكمية غاية من إنزاله، وكما أن العبادة لا تكون إلا عن وحي منزل، فكذلك لا ينبغي أن يحكم إلا بشرع مُنزل، أو بما له أصل في شرع منزل [3].
قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَن يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحديد: 25] فالكتاب والميزان هما: ما نقل صدقًا، وما شرع عدلاً لإقامة الناس على شريعة الحق اتباعًا للرسل، فمن أبى فقد جعل الحديد رادعًا لكل معاند بعد قيام الحجة [4]. إن إقامة حكم الله على المجتمع من خلال الدولة عهد وميثاق ذكره الله تعالى في قوله: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [المائدة: 7] فهذا تذكير من الله لعباده المؤمنين بنعمته عليهم في الشرع الذي شرعه لهم في هذا الدين العظيم، المرسل به الرسول الكريم، وأخذ للعهد والميثاق [1] هكذا الضمير في الأصل المطبوع (هي) ولعل الأوفق للسياق (هو). [2] في ظلال القرآن (4/ 1991) [3] انظر: الحكم والتحاكم في خطاب الوحي (1/ 433). [4] انظر: تفسير ابن كثير (4/ 315).
اسم الکتاب : تبصير المؤمنين بفقه النصر والتمكين في القرآن الكريم المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 518