اسم الکتاب : تبصير المؤمنين بفقه النصر والتمكين في القرآن الكريم المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 429
رابعًا: تربية الجسم:
إن الله تعالى أخبرنا أنه خلق آدم عليه السلام من سلالة من طين، ثم سواه ونفخ فيه من روحه، وجعل له السمع والبصر والفؤاد, قال تعالى: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِن طِينٍ - ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ - ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ} [السجدة: 7 - 9].
وهذه الآيات إشارة إلى أن الإنسان يتكون من طاقات ثلاث منحها الله للإنسان: طاقة العقل، وطاقة الروح، وطاقة الجسم، ثم استخلفه الله في الأرض، وطلب منه أن يعمرها, قال سبحانه: {هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود: 61].
وقد بينت منهج الإسلام في تربية الروح والعقل، ولابد من بيان منهج القرآن الكريم في تربية الجسم البشري، بحيث يؤدي وظيفته دون إسراف أو تقتير، ودون محاباة لطاقة من طاقاته، على حساب طاقة أخرى، ولذلك أرشد القرآن إلى ما أحله الله من الطيبات، واجتناب ما حرم الله من الخبائث, وأنكر على أولئك الذين يحرمون أبدانهم من تلبية حاجاتها على الوجه المشروع، فقد قال تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: 32].
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ - وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلاَلاً طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ"
[المائدة: 87، 88].
ولا شك أن تحقيق هذه الحاجات، يمكن الإنسان من أداء وظائفه، التي وظفه الله لها في الأرض من عبادة الله واستخلاف في الأرض، وإعمارها، وتعارف وتعاون وتناصر وتمكن وأمر بمعروف ونهي عن المنكر وجهاد في سبيل الله، وبغير تحقيقها لا يكون شيء من ذلك [1]. [1] فقه الدعوة إلى الله (1/ 487).
اسم الکتاب : تبصير المؤمنين بفقه النصر والتمكين في القرآن الكريم المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 429