اسم الکتاب : تبصير المؤمنين بفقه النصر والتمكين في القرآن الكريم المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 308
وهذا الأمر وإن كان مما قدره الله عز وجل كونًا، ووقع كما قدر, إلا أنه -سبحانه- لم يأمر به شرعًا، فوحدة المسلمين واجتماعهم مطلب شرعي، ومقصد عظيم من مقاصد الشريعة، بل من أهم أسباب التمكين لدين الله تعالى, ونحن مأمورون بالتواصي بالحق والتواصي بالصبر قال تعالى: {إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11].
فلابد من تضافر الجهود بين الدعاة وقادة الحركات الإسلامية وبين علماء المسلمين، وطلبة العلم لإصلاح ذات البين إصلاحًا حقيقيًا لا تلفيقيًا لأن أنصاف الحلول تفسد أكثر مما تصلح, قال الشيخ السعدي - رحمه الله -: «الجهاد نوعان: جهاد يقصد به صلاح المسلمين، وإصلاحهم في عقائدهم وأخلاقهم وآدابهم، وجميع شئونهم الدينية والدنيوية، وفي تربيتهم العلمية, وهذا النوع هو الجهاد وقوامه، وعليه يتأسس النوع الثاني، وهو جهاد يقصد به دفع المعتدين على الإسلام والمسلمين من الكفار والمنافقين والملحدين وجميع أعداء الدين ومقاومتهم, وهذا نوعان: جهاد بالحجة والبرهان واللسان، وجهاد بالسلاح المناسب في كل وقت وزمان» [1].
ثم أفرد فصلا بعنوان «الجهاد المتعلق بالمسلمين بقيام الألفة واتفاق الكلمة» [2]، وبعد أن ذكر الآيات والأحاديث الدالة على وجوب تعاون المسلمين ووحدتهم قال: «فإن من أعظم الجهاد السعي في تحقيق هذا الأصل في تأليف قلوب المسلمين، واجتماعهم على دينهم ومصالحهم الدينية والدنيوية» [3].
ولذلك نرى أن الأخذ بالأسباب نحو تأليف قلوب المسلمين وتوحيد صفهم
من أعظم الجهاد لأن هذه الخطوة مهمة جدا في إعزاز المسلمين وإقامة دولتهم، وتحكيم شرع ربهم. [1] وجوب التعاون بين المسلمين، ص5. [2] , (3) المصدر نفسه، ص5. [3] المصدر نفسه، ص5.
اسم الکتاب : تبصير المؤمنين بفقه النصر والتمكين في القرآن الكريم المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 308