اسم الکتاب : تبصير المؤمنين بفقه النصر والتمكين في القرآن الكريم المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 223
رب العالمين, وأنه تعالى فوق كل شيء وأكبر من كل شيء, فينبغي أن يعتز به وحده, ويلوذ بحماه وكنفه, ويستعلي فوق أعناق الطواغيت والجبارين بهذا النداء الجهير, الذي أراد الله عز وجل أن يتواطأ عليه المجتمع كله, وأن يظل حتى المنفرد على صلة دائمة به.
فإذا تقرر هذا المعنى عاد النداء الأجل ليملأ الآفاق: (أشهد أن لا إله إلا الله) وهو تذكير يومي بالعهد والميثاق الذي أعطاه العبد لربه بأن لا يعبد ولا يطيع إلا ربه الأكبر, المنفرد بالكبرياء في السموات والأرض.
ثم يأتي الشق الثاني من الشهادة: (أشهد أن محمدًا رسول الله) وهو كما علمت إقرار متكرر أيضًا بالطريق الذي تؤخذ عنه العبادة المشروعة, والتي لا تصح إلا بالتلقي عن الوحي الإلهي الذي جاء به المعصوم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
ثم تأتي رابعًا: الدعوة إلى الصلاة نفسها في جملتين فقط: (حي على الصلاة, حي على الصلاة) لأن الأذان كما قلنا أبعد مدى, وأشمل آثارًا.
ثم تأتي خامسًا: الدعوة العامة إلى الصلاح المطلق, المتمثل في الاستجابة لهذا الدين الإلهي الأغر, ومثله وتعاليمه, وفي مقدمتها الصلاة بداهة [1].
ولذلك يعود الشارع بالمؤذن إلى نقطة البدء ليكبر في الختام التأكيد على تفرده تعالى بالكبرياء, وإعلان التوحيد بصيغة الإقرار والإثبات بعد صيغة الشهادة السابقة (الله أكبر, الله أكبر, لا إله إلا الله) معنى هذا أن الأذان وحده يجري على ألسنة المؤمنين, ويسكب في ضمائرهم, ويغرس في حياتهم ووجدانهم إفراد الله تعالى بالكبرياء (ثلاثين) مرة يوميًا, وإفراده تعالى بصفة الألوهية الذي تفرده بالعبادة والطاعة «خمس عشرة» مرة, وهو نداء لا يتقيد بحدود معبد, أو مسجد, وإنما ينطلق ليدخل كل بيت, ويصافح كل سمع, ويطرق كل قلب يريد الهدى. [1] وسطية القرآن في العبادة والأخلاق والتشريع, ص 40.
اسم الکتاب : تبصير المؤمنين بفقه النصر والتمكين في القرآن الكريم المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 223