اسم الکتاب : تبصير المؤمنين بفقه النصر والتمكين في القرآن الكريم المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 214
القلبية, والعملية الفردية والجماعية: المحبة والخوف والرجاء, وقد جعل ابن القيم هذه الثلاث في قلب المؤمن: (بمنزلة الطائر, فالمحبة رأسه, والخوف والرجاء جناحاه فمتى سلم الرأس والجناحان فالطائر جيد الطيران, ومتى قطع الرأس مات الطائر, ومتى فقد الجناحان فهو عرضة لكل صائد وكاسر) [1] , وبهذا يتضح مفهوم العبادة في الشرع.
ثانيًا: حقيقة العبادة:
إن من شروط التمكين لدين الله تحقيق العبادة لله في دنيا الناس وعلى الجماعة المسلمة أن تفهم حقيقة العبادة في القرآن الكريم وسنة سيد المرسلين - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - , وأن تعمل على نشر المفهوم الصحيح لمعنى العبادة في شرايين الأمة حتى تخرج من الأوهام والمغالطات والخرافات التي ما أنزل الله بها من سلطان.
لقد ساد بين الناس مفاهيم خاطئة للعبادة, صرفت عقولهم وقلوبهم وأعمالهم عن هذه الوظيفة التشريفية التي خلق الله الإنسان من أجلها, وسخر له كل شيء في نفسه وفي الكون من حوله, ليقوم بها وفق أمر خالقه, وعند تأمل القرآن الكريم والسنة النبوية وما تحويه من أخبار وأوامر ونواه ووعد ووعيد, نجد كلها تدور حول تقرير ألوهية الله سبحانه وتعالى وعبودية الإنسان له.
فإذا كان خلق الإنسان وتسخير الكون له, وإيجاد العقل والقلب والإرادة فيه, وإرسال الرسل وإنزال الكتب وخلق الجنة والنار, وقبيل ذلك وبعده ما تقتضيه صفات الباري -جل وعلا- من كونه في ذاته وأفعاله سبحانه وتعالى حكيمًا عليمًا, خلق كل شيء فقدره تقديرًا, ولم يخلق شيئًا عبثًا ولم يوجد شيئًا لغير حكمة, وإذا كان القرآن المجيد, وما فيه من أخبار وأوامر ووعد ووعيد جاء لأجل هذه المهمة العظيمة, ألا وهي تعبيد الخلق كلهم لله سبحانه فكيف يصح حينئذ أن يتصور أن العبادة هي النية النقية وحسب, أو أنها الشعائر التعبدية فقط, [1] مدارج السالكين (1/ 517).
اسم الکتاب : تبصير المؤمنين بفقه النصر والتمكين في القرآن الكريم المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 214