اسم الکتاب : تبصير المؤمنين بفقه النصر والتمكين في القرآن الكريم المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 160
وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ - اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ" كل هذا وسليمان لا يقاطعه, ولا يكذبه, ولا يعنفه, حتى ينتهي من سرد الحجة, التي كانت مفاجأة ضخمة لسليمان عليه السلام.
4 - قبول الاعتذار ممن يعتذر في الظاهر, وإيكال سريرته إلى الله تعالى, فسليمان عليه السلام سكت عن المؤاخذة وانتقل إلى تحري الخبر, قال القرطبي رحمه الله: (هذا دليل على أن الإمام يجب عليه أن يقبل عذر رعيته, ويدرأ العقوبة عنهم في ظاهر أحوالهم بباطن أعذارهم, لأن سليمان لم يعاقب الهدهد حين اعتذر إليه) [1].
5 - التروي في تصديق الخبر؛ فهذا الذي حكاه الهدهد, أمر ليس بالسهل ولا باليسير, ثم إن الهدهد لا يجرؤ على اختلاق هذه القصة الطويلة, وهو يعلم تمكن سليمان من الرعية, ومقدرته على التأكد من صحة الأخبار, ومع ذلك لم يبادر عليه السلام إلى التصديق, كما أنه لم يتعجل التكذيب, بل قال: {سَنَنظُرُ" وهو من النظر, أو
التأمل والتحري [2].
{سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ" يعني أصدقت في خبرك أم كذبت لتتخلص من الوعيد؟ [3].
6 - عدم الاغترار بقوة النفس وكثرة الجند وسعة السلطان, وإسناد الفضل إلى الله في كل نعمة, وتجديد الشكر على هذه النعم, وسليمان عليه السلام لما طلب الإتيان بعرش بلقيس أجابته جنوده التي سخرها الله له مسارعين إلى الطاعة؛ فلما وجد سليمان طلبه مجابًا, وأمره مطاعًا سارع إلى ضبط النفس في سلك الخشية ومنهاج التواضع والطاعة لله رب العالمين: {فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ} [النمل:40] أي رأى العرش ثابتًا عنده: {قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي" أي هذا النصر والتمكين من فضل ربي [1] المصدر نفسه (13/ 184). [2] تفسير الرازي (24/ 193). [3] تفسير ابن كثير (3/ 349).
اسم الکتاب : تبصير المؤمنين بفقه النصر والتمكين في القرآن الكريم المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 160