responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تعدد الخلفاء ووحدة الأمة فقها وتاريخا ومستقبلا المؤلف : محمد خلدون مالكي    الجزء : 1  صفحة : 77
على ما رآه من أبهة الملك، لما ذكر له المصلحة فيه، فإن عمر قال له: لا آمرك ولا أنهاك. ويقال في هذا: أن عمر لم ينهه، لا أنَّه أَذِنَ له في ذلك، لأنَّ معاوية ذكر وجه الحاجة إلى ذلك. ولم يثق عمر بالحاجة، فصار الأمر محل اجتهاد في الجملة.
فهذان القولان متوسطان: أن يقال: خلافة النبوة واجبة، وإنما يجوز الخروج عنها بقدر الحاجة، أو أن يقال: يجوز قبولها من المُلك بما ييسر فعل المقصود بالولاية ولا يعسره، إذ ما يبعد المقصود بدونه لابد من إجازته» [1].
وهذا يقتضي أن شَوْب [2] الخلافة بالملك جائز، وإن كانت الخلافة المحضة أفضل. وكل من انتصر لمعاوية وجعله مجتهداً في أموره ولم ينسبه إلى معصية فعليه أن يقول بأحد القولين: إما جواز شوبها بالملك. أو عدم اللوم على ذلك.
ولهذا جاء تكييف خلافة معاوية بعد وفاة علي - رضي الله عنه - مختلفاً عند العلماء تبعاً لموقفهم منها؛ قال الكمال ابن أبي شريف: «اختلف مشايخنا في إمامة معاوية بعد وفاة علي رضي الله عنهما فقيل: صار إماماً انعقدت له البيعة، وقيل: لا لم يَصِرْ إماماً لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «الخلافة بعدي ثلاثون ثم تصير ملكاً عضوضاً» [3] وقد انقضت الثلاثون بوفاة الإمام علي - رضي الله عنه - تقريباً، وتمت بمدة خلافة الحسن بن علي رضي الله عنهما، وينبغي أن يحمل قول من قال بإمامته على ما بعد تسليم الحسن له، أما قبل وفاة الإمام علي - رضي الله عنه - فلم يكن معاوية إماماً شرعياً، بلا خلاف، حتى بعد أن بايعه أهل الشام بالخلافة بعد حادثة التحكيم» [4].
وكذلك الأمر قبل أن يسلم الحسنُ بن علي الخلافةَ إلى معاوية؛ لأن تولي الخلافة بالقوة وإن كان طريقاً شرعياً للخلافة - كما استقر عليه رأي أهل السنة والجماعة - ولكنه لا تتم شرعية المتغلب حتى يقبل به كل الناس ويخضعوا له، أي حتى تتكامل صورة التغلب فيه إلى أقصى غاية، وهذا ليس شرطاً فيمن تولى

[1] الخلافة والملك لابن تيمية: ص 29. مجموع فتاوى ابن تيمية: 35/ 42.
[2] الشَوْب: هو الخلْط. كما في لسان العرب لابن منظور: 1/ 510.
[3] العضوضَ: الذي فيه عسف وظلم، كأنه يعض على الرعايا. تهذيب اللغة للأزهري: 1/ 75. والحديث سبق تخريجه في: ص (20) حاشية (4).
[4] المسايرة ومعه المسامرة رسالة دبلوم لحسن عبيد: ص 335. تفسير القرطبي: 1/ 273.
اسم الکتاب : تعدد الخلفاء ووحدة الأمة فقها وتاريخا ومستقبلا المؤلف : محمد خلدون مالكي    الجزء : 1  صفحة : 77
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست