اسم الکتاب : تعدد الخلفاء ووحدة الأمة فقها وتاريخا ومستقبلا المؤلف : محمد خلدون مالكي الجزء : 1 صفحة : 111
معاوية - رضي الله عنه - في كل سنة مائة ألف [1].
وكان هدف الحسن بن علي - رضي الله عنه - من مصالحة معاوية حقن دماء المسلمين، لعلمه أنه لا تغلب طائفةٌ الأخرى حتى تذهب أكثرها [2]، وهذا ما قاله لما تم الصلح بشروطه، فقد برز الحسن - رضي الله عنه - بين الصفين وقال: إني قد اخترت ما عند الله وتركت هذا الأمر لمعاوية، فإن كان لي فقد تركته لله وإن كان له فما ينبغي أن أنازعه ثم قرأ: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} الأنبياء /111، وكبر الناس فرحاً واختلطوا من ساعتهم وسُمِّيت سنة الجماعة وتمت الخلافة لمعاوية - رضي الله عنه - من يومئذ [3]. وكان يقول بعد ذلك: «قد كانت جماجم العرب في يدي يحاربون من حاربت ويسالمون من سالمت فتركتها ابتغاء وجه الله وحقن دماء أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -» [4].
وكان خلع الحسن - رضي الله عنه - نفسه من الولاية وتسليم الأمر لمعاوية - رضي الله عنه - في ربيع الأول سنة إحدى وأربعين [5] , وقيل في جمادى الأولى [6] , فكانت خلافته خمسة أشهر ونحو نصف شهر وقيل سبعة أشهر وعشراً، وكان في خلعه نفسه وتسليم الأمر لمعاوية - رضي الله عنه - ظهور معجزتين للنبي - صلى الله عليه وسلم - إحداهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في حقه: «ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» [7] فكان الأمر كذلك , والثانية: أنه حسب يوم تسليمه فكان تمام ثلاثين سنة وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الْخِلافَةُ فِي أُمَّتي ثَلاثُونَ سَنَةً ثُمَّ مُلْكٌ بَعْدَ ذَلِكَ» [8]. [1] تاريخ الخلفاء للسيوطي: ص 193. [2] سير أعلام النبلاء للذهبي: 3/ 277. وانظر فقه الخلافة للسنهوري: ص 263. [3] شذرات الذهب لابن العماد: 1/ 52. فيض القدير للمناوي: 2/ 409. [4] حلية الأولياء للأصبهاني: 2/ 37. [5] ممن ذكر ذلك ابنُ حبان في صحيحه: 15/ 38. قال: سلمَّ الحسنُ الأمر إلى معاوية يوم الاثنين لخمس ليال بقين من شهر ربيع الأول، وسميت هذه السنة سنة الجماعة. وانظر سير أعلام النبلاء للذهبي: 3/ 146. [6] انظر سير أعلام النبلاء للذهبي: 3/ 278. تاريخ الطبري: 3/ 261. [7] رواه عن أبي بكرة كل من: البخاري في صحيحه: 2/ 962 كتاب الصلح، باب قول النبي للحسن بن علي «ابني هذا سيد» رقم (2557). والترمذي في سننه: 5/ 658 كتاب المناقب، باب مناقب الحسن والحسين رقم (3773). والنسائي في سننه: 3/ 107 كتاب الجمعة، باب مخاطبة الإمام رعيته وهو على المنبر رقم (1410) عن أبي بكرة. وأبو داود في سننه: 4/ 216 كتاب السنة، باب ما يدل على ترك الكلام في الفتنة، رقم (4662). وأحمد في مسنده: 34/ 138 في مسند البصريين رقم (20499) قال المحقق: حديث صحيح. [8] مآثر الإنافة للقلقشندي: 1/ 108. والحديث سبق تخريجه في ص (20) حاشية (4).
اسم الکتاب : تعدد الخلفاء ووحدة الأمة فقها وتاريخا ومستقبلا المؤلف : محمد خلدون مالكي الجزء : 1 صفحة : 111