responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تعريف عام بدين الإسلام المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 182
هل يمكن لمثل هذا الرجل أن يأتي بمثل القرآن؟
هذه تواريخ العباقرة والنابغين بين أيديكم، تواريخ الامم كلها في العصور كلها، فهل فيها حادث مثل هذا الحادث؟
لقد ألف (موزارت) قطعة موسيقية وهو دون العاشرة، ونظم (بشار) الشعر وهو في مثل هذه السن، ونبغت مؤلفة (جين اير)، واختها كاتبة (أعالي وذرنج) نبوغا مفاجئا، وترك (شكسبير) هذه الثروة الأدبية، ولم يكن من أكابر أدباء عصره ومثقفيه. كل هذا ممكن، ويمكن أن يؤلف شاب مغمور، كتابا يأتي في بقصة رائعة، أو نظرية علمية جديدة لأنه عبقري، والعبقرية ليست وقفا على المتعلمين، ولا على خريجي الجامعات، وقد تظهر العبقرية حيث لا يتوقع ظهورها، ولكن من عرفهم التاريخ من عباقرة العلم والأدب والفن، انما سبقوا زمانهم بقرن مثلا! زادوا على أقرانهم خمسين في المئة، أو مئة في المئة. ان لسبقهم حدودا، انه سبق معقول.
وليس في التاريخ كله، رجل كانت له ظروف محمد صلى الله عليه وسلم، يأتي بكتاب هو في الأسلوب الأدبي في أبهى صور الجمال، وهو في مجال التشريع قانون في ذروة الكمال، وهو في الآلهيات والاخبار عن المغيبات، يأتي بما لا يعرفه أحد من البشر، ولا يمكن أن يدركه بنفسه العقل البشري، وهو في الطبيعة يشير إلى قوانين وظواهر لم يكن يعرفها أحد في عصره، ولا في العصر الذي تلا عصره، ولا في العصور العشرة التي جاءت بعد ذلك. فيه اشارات إلى قوانين لم تكشف الا بعده بألف وثلاث مئة سنة، وقوانين لم تكشف للآن.
كتاب أمره الله أن يتحدى به الناس جميعا، فتحدى الانس والجن: أن يأتوا بعشر سور من أمثال سوره، أن يأتوا بسورة واحدة .. فعجزوا! وهذا التحدي قائم إلى الآن، والعجز مستمر إلى الآن.
اعجازه ثابت، ولكن لا تبحثوا كما بحث علماء البلاغة، عن موطن الاعجاز، فان موطن الاعجاز ليس في ألفاظه وحدها، ولا في أخباره عن

اسم الکتاب : تعريف عام بدين الإسلام المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 182
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست