اسم الکتاب : سيماء المرأة في الإسلام بين النفس والصورة المؤلف : الأنصاري، فريد الجزء : 1 صفحة : 26
العرب. قال سبحانه: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} (الأعراف:189). وتدبر قوله تعالى: {خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} (الزمر:6).
النفس إذن؛ هي جوهر كينونة الإنسان، ذكرا كان أو أنثى. ومن هنا سَوَّى الله بين الجنسين في عموم التكليف إلا ما استثناه الدليل لخصوص المحل. أما الأصل التكليفي فهو قوله تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْض} (آل عمران:195). فهذه الآية نص -باصطلاح الأصوليين- في تساوي التكليف الإلهي للإنسان، من حيث المبدأ الكلي، بغض النظر عن الفروق الجنسية العارضة من ذكورة وأنوثة. وإنما الصفة التي ينظر إليه بها ههنا هي كونه (عاملا) أم لا؟
فالإنسان له صورتان: الأولى نفسانية، والثانية جسمانية. ولكل صورة سيماء أو سيمياء. أي علامات ومواصفات منها تتشكل ما نسميه بـ (الشخصية). تماما كما تتميز كل صورة جسمانية بعلامات فارقة، هي سيماء ذلك الشخص المميزة له.
ذلك أن النفس مفارقة للجسم. وكينونتها هي على صورة نفسانية. قال عز وجل: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا} (الشمس:7). فالتسوية هي تمام الخلق. ولهذا قال بعد مباشرة في السياق: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا}. ويؤيد هذا التفسير من القرآن والسنة: أولا قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ. أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} (الأعراف:172 - 173).
اسم الکتاب : سيماء المرأة في الإسلام بين النفس والصورة المؤلف : الأنصاري، فريد الجزء : 1 صفحة : 26