اسم الکتاب : فكرة الإفريقية الآسيوية المؤلف : مالك بن نبي الجزء : 1 صفحة : 105
ولا يرى أيضاً انعكاساته الأخلاقية على محور القوة، خاصة لصالح السلام، فكأنه مجبر إذن بمرض السيطرة الموروث على أن يترجم إلى لغة القوة ما وضعته باندونج من مصطلحات (البقاء)، وهكذا تنقلب العلاقات في العقل الغربي كما تنقلب الألوان في التجربة السالبة (في التصوير) وذلك حين يتصل الأمر بأحداث خارج أوروبا: فهو يرى أسود ما يجب أن يكون أبيض في الواقع الأفرسيوي، وإن إعادة هذا الواقع إلى لونه الحقيقي في العقل الغربي، سواء من الناحية النفسية أم السياسية لهو من المشكلات الهامة التي يتعين على العالم أن يحلها من أجل خلاصه.
والأفرسيوية نفسها يجب أن تمنحه الأهمية التي يتطلبها في إطار العلاقات الدولية، مع الاهتمام بحلها عن طريق الاقناع.
وعلى كل، فإن (فكرة باندونج) قد دخلت التاريخ وهي تؤكد استقلال الشعوب الأفرسيوية السياسي والأدبي، كما ذكر السيد بانيكار في مقالة لفتت الأنظار في الغرب، قال فيها: ((إن مؤتمر باندونج يعتبر التأكيد الأول الصريح لحق الشعوب الآسيوية والافريقية في أن تدير شؤونها الخاصة في نطاق استقلالها)).
ولقد كتب بعض المراقبين الغربيين المتحررين من الأفكار الاستعمارية والاستراتيجية عن هذا التأكيد قائلين بأن النزعة المضادة للاستعمار في الهند وفي أندونيسيا وفي بورما أو في مصر لم تظهر خلال المؤتمر كعداء مقصود موجه ضد المراكز الفرنسية ((متى تخلصت هذه المراكز من مغزى الاستعمار)).
كما لاحظوا أيضاً في هذه النزعة المعادية للاستعمار رغبة أصحابها في ألا يثيروا (المنازعات الاستعمارية) بل على العكس من ذلك كانوا يريدون أن يساعدوا على تسويتها بالحوار وتبادل الآراء. كما لم يفتهم الاعتدال الذي برهن عليه موقف المندوبين في مسائل النزاع، كما برهن على يقظتهم حين نددوا (بلغة المهرجين) التي استخدمها بعضهم على منبر المؤتمر نفسه، فأثرت
اسم الکتاب : فكرة الإفريقية الآسيوية المؤلف : مالك بن نبي الجزء : 1 صفحة : 105