اسم الکتاب : مذكرات شاهد للقرن المؤلف : مالك بن نبي الجزء : 1 صفحة : 234
- يا سيدتي، نعم أنا من تبسة أعني من ناحيتها، وليس لأسرتي المتواضعة علاقة بالأسر التي تحمل لقب الإمارة، ولكنك تستطيعين الاتصال بشيخ مدينة تبسة، فإنه قطعاً خير مني في إرشادك إلى (الأمير).
قلت هذا بكل صفاء نية، ولكن الله يهدي من يشاء، فقصة الشاعرة الطيبة مع (الأمير) الوهمي ستنتهي بعد سنة باختلاس رزقها ...
أغلق المعرض أبوابه واستدرجني الحي اللاتيني من جديد إلى مشكلات لا صلة لها بدراستي، وعادت (جمعية الطلبة الوحدويين) لنشاطها، ولم تكن قضية المنشقين قد فصلت بعد، وأخد الصراع بين الطائفتين يزداد عنفاً مع عودة السنة الدراسية، وعادت الإدارة الاستعمارية في الحي اللاتيني تلقي شباكها لتصطاد من الطلبة الجزائريين المنشقين، وعدت كسمكة مفترسة من نوع البروشي الصغير، أنقض على تلك الشباك أمزق منها بأنيابي الصغيرة ما أمزق دون أن أشعر أن الخيوط التي أمزقها، كانت تترك في مصيري ومصير أسرتي البريئة جروحاً لا تبرأ ولا تندمل.
وفي هذه الأثناء وصل إلى باريس (حموده بن الساعي)، رأيته في اجتماع للطلبة (الوحدويين) بمركز (لودرو رولان). فشعرت أنه تجنب تعرفي عليه قبل أن أعرفه، وسأكشف هذا المرض المتفشي في النخبة الجزائرية، مرض التجاهل تلك الظاهرة الاجتماعية التي طالما شغلت بالي فما بعد.
ولكنني لم أقف عند هذه الظاهرة في هذه الظروف بالذات، وإنما وجدت نفسي مرتاحاً جداً فحمدت الله على وجود صديقي بين ظهرانينا، لأنني أستطيع معه القيام بمهمات لا يعينني عليها غيره.
وبعد نهاية الجلسة صاحبته إلى غرفته بميدان (البانطئوون)، وفي الطريق عرض علي أفكاره وعرضت عليه أفكاري في الأمور التي كانت موضوع الحديث في
اسم الکتاب : مذكرات شاهد للقرن المؤلف : مالك بن نبي الجزء : 1 صفحة : 234