اسم الکتاب : مفرق الطريق في القرآن الكريم المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 444
فأما ما يريده اللّه فقد بينته الآيات السابقة في السورة. وفيها إرادة التنظيم، وإرادة التطهير، وإرادة التيسير، وإرادة الخير بالجماعة المسلمة على كل حال.
وأما ما يريده الذين يتبعون الشهوات فهو أن يطلقوا الغرائز من كل عقال: ديني، أو أخلاقي، أو اجتماعي .. يريدون أن ينطلق السعار الجنسي المحموم بلا حاجز ولا كابح، من أي لون كان. السعار المحموم الذي لا يقر معه قلب، ولا يسكن معه عصب، ولا يطمئن معه بيت، ولا يسلم معه عرض، ولا تقوم معه أسرة. يريدون أن يعود الآدميون قطعانا من البهائم، ينزو فيها الذكران على الإناث بلا ضابط إلا ضابط القوة أو الحيلة أو مطلق الوسيلة! كل هذا الدمار، وكل هذا الفساد، وكل هذا الشر باسم الحرية، وهي - في هذا الوضع - ليست سوى اسم آخر للشهوة والنزوة! وهذا هو الميل العظيم الذي يحذر اللّه المؤمنين إياه، وهو يحذرهم ما يريده لهم الذين يتبعون الشهوات. وقد كانوا يبذلون جهدهم لرد المجتمع المسلم إلى الجاهلية في هذا المجال الأخلاقي، الذي تفوقوا فيه وتفردوا بفعل المنهج الإلهي القويم النظيف. وهو ذاته ما تريده اليوم الأقلام الهابطة والأجهزة الموجهة لتحطيم ما بقي من الحواجز في المجتمع دون الانطلاق البهيمي، الذي لا عاصم منه، إلا منهج اللّه، حين تقره العصبة المؤمنة في الأرض إن شاء اللّه.
واللمسة الأخيرة في التعقيب تتولى بيان رحمة اللّه بضعف الإنسان، فيما يشرعه له من منهج وأحكام.
والتخفيف عنه ممن يعلم ضعفه، ومراعاة اليسر فيما يشرع له، ونفي الحرج والمشقة والضرر والضرار.
«يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ، وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً» ..
فأما في هذا المجال الذي تستهدفه الآيات السابقة، وما فيها من تشريعات وأحكام وتوجيهات، فإرادة التخفيف واضحة تتمثل في الاعتراف بدوافع الفطرة، وتنظيم الاستجابة لها وتصريف طاقتها في المجال الطيب المأمون المثمر، وفي الجو الطاهر النظيف
اسم الکتاب : مفرق الطريق في القرآن الكريم المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 444