اسم الکتاب : مفرق الطريق في القرآن الكريم المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 419
مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ. وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ، فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ، لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً» ..
وهذه حقيقة لها وزنها .. إن الرسول ليس مجرد «واعظ» يلقي كلمته ويمضي. لتذهب في الهواء - بلا سلطان - كما يقول المخادعون عن طبيعة الدين وطبيعة الرسل أو كما يفهم الذين لا يفهمون مدلول «الدين».
إن الدين منهج حياة. منهج حياة واقعية. بتشكيلاتها وتنظيماتها، وأوضاعها، وقيمها، وأخلاقها وآدابها. وعباداتها وشعائرها كذلك. وهذا كله يقضي أن يكون للرسالة سلطان. سلطان يحقق المنهج، وتخضع له النفوس خضوع طاعة وتنفيذ ..
واللّه أرسل رسله ليطاعوا - بإذنه وفي حدود شرعه - في تحقيق منهج الدين. منهج اللّه الذي أراده لتصريف هذه الحياة. وما من رسول إلا أرسله اللّه، ليطاع، بإذن اللّه. فتكون طاعته طاعة للّه .. ولم يرسل الرسل لمجرد التأثر الوجداني، والشعائر التعبدية .. فهذا وهم في فهم الدين لا يستقيم مع حكمة اللّه من إرسال الرسل. وهي إقامة منهج معين للحياة، في واقع الحياة .. وإلا فما أهون دنيا كل وظيفة الرسول فيها أن يقف واعظا. لا يعنيه إلا أن يقول كلمته ويمضي. يستهتر بها المستهترون، ويبتذلها المبتذلون!!!
ومن هنا كان تاريخ الإسلام كما كان .. كان دعوة وبلاغا. ونظاما وحكما. وخلاقة بعد ذلك عن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - تقوم بقوة الشريعة والنظام، على تنفيذ الشريعة والنظام. لتحقيق الطاعة الدائمة للرسول. وتحقيق إرادة اللّه من إرسال الرسول. وليست هنالك صورة أخرى يقال لها: الإسلام. أو يقال لها: الدين. إلا أن تكون طاعة للرسول، محققة في وضع وفي تنظيم. ثم تختلف أشكال هذا الوضع ما تختلف ويبقى أصلها الثابت. وحقيقتها التي لا توجد بغيرها .. استسلام لمنهج اللّه، وتحقيق لمنهج رسول اللّه. وتحاكم إلى شريعة اللّه. وطاعة للرسول فيما بلغ عن اللّه، وإفراد للّه - سبحانه - بالألوهية (شهادة أن لا إله إلا اللّه) ومن ثم إفراده بالحاكمية التي تجعل التشريع ابتداء حقا للّه، لا يشاركه فيه سواه. وعدم احتكام إلى الطاغوت.
اسم الکتاب : مفرق الطريق في القرآن الكريم المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 419