responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مفرق الطريق في القرآن الكريم المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 359
للنشوء والارتقاء، لوصل حلقات السلسلة بين الطين والإنسان. وهي تخطئ وتصيب في هذه المحاولة - التي سكت القرآن عن تفصيلها - وليس لنا أن نخلط بين الحقيقة الثابتة التي يقررها القرآن .. حقيقة التسلسل .. وبين المحاولات العلمية في البحث عن حلقات هذا التسلسل وهي المحاولات التي تخطئ وتصيب، وتثبت اليوم وتنقض غدا، كلما تقدمت وسائل البحث وطرائقة في يد الإنسان.
والقرآن يعبر أحيانا عن تلك الحقيقة باختصار فيقول: « ... بَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ» .. دون إشارة إلى الأطوار التي مر بها. والمرجع في هذا الأمر إلى النص الأكثر تفصيلا، وهو الذي يشير إلى أنه «مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ» فالنص الآخر يختصر هذه الأطوار لمناسبة خاصة في السياق هناك. أما كيف تسلسل الإنسان من الطين فمسكوت عنه كما قلنا لأنه غير داخل في الأهداف القرآنية. وقد تكون حلقاته على النحو الذي تقول به النظريات العلمية وقد لا تكون وتكون الأطوار قد تمت بطريق آخر لم يعرف بعد، وبسبب عوامل وعلل أخرى لم يكشف عنها الإنسان .. ولكن مفرق الطريق بين نظرة القرآن إلى الإنسان ونظرة تلك النظريات أن القرآن يكرم هذا الإنسان ويقرر أن فيه نفخة من روح اللّه هي التي جعلت من سلالة الطين إنسانا، ومنحته تلك الخصائص التي بها صار إنسانا وافترق بها عن الحيوان. وهنا تفترق نظرة الإسلام افتراقا كليا عن نظرة الماديين. واللّه أصدق القائلين [1].
ذلك أصل نشأة الجنس الإنساني .. من سلالة من طين .. فأما نشأة الفرد الإنساني بعد ذلك، فتمضي في طريق آخر معروف: «ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ» .. لقد نشأ الجنس الإنساني من سلالة من طين. فأما تكرار أفراده بعد ذلك وتكاثرهم فقد جرت سنة اللّه أن يكون عن طريق نقطة مائية تخرج من صلب رجل، فتستقر في رحم امرأة. نقطة مائية واحدة. لا بل خلية واحدة من عشرات الألوف من الخلايا الكامنة في تلك النقطة. تستقر: «فِي قَرارٍ مَكِينٍ» .. ثابتة في الرحم الغائرة بين عظام الحوض، المحمية

[1] - يراجع كتاب: «الإنسان بين المادية والإسلام» لمحمد قطب. «دار الشروق»
اسم الکتاب : مفرق الطريق في القرآن الكريم المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 359
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست