اسم الکتاب : مفرق الطريق في القرآن الكريم المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 340
نحن نقول: إننا نسير على الأرض؛ لأننا كنا نفهم أن هذه الأرض ليس عليها إلاّ نحن فقط، ثم تبين لنا - بعد أن أخذ العلم حظه - أنه لو لا وجود الهواء في الأرض لما صلحت للحياة. ولذلك فعندما تدور الأرض. فالهواء الذي حولها يدور معها ويسمونه الغلاف الجوي إذن فالغلاف الجوي جزء من الأرض وله امتداد كبير، فالإنسان عندما يسير فإنه يسير في الأرض، أما الذي يسير على الأرض فهو الذي يسير فوق الغلاف الجوي، أما السائر على اليابسة، والغلاف الجوي ما زال فوقه فهو يسير في الأرض لا على الأرض.
وما دامت المسألة هي سنن تقدمت، ويريد الله منا أن نعتبر بالسنن المتقدمة، لذلك يقول لنا: {فَسِيرُواْ فِي الأَرْض} نسير بماذا؟. إما أن نسير بالانتقال، أو نسير بالأفكار؛ لأن الإنسان قد لا يملك القدرة على السير ويترك هذه المهمة للرحالة، والرحالة - مثلاً - هم الذين ذهبوا إلى جنوب الجزيرة، ورأوا وادي الأحقاف ووجدوا أن عاصفة رمل واحدة تطمر قافلة بتمامها.
إذن ففيه عواصف وارت الكثير من الأشياء، فعاصفة واحدة تطمر قافلة. فكم من العواصف قد هبت على مرّ هذه القرون؟ والحق سبحانه يخبرنا بإرم ذات العماد فيقول: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلاَدِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُواْ الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِى الأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْاْ فِي الْبِلاَدِ * فَأَكْثَرُواْ فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ} [الفجر:6 - 13].
إنه سبحانه يخبرنا أن إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد أي متفوقة على حضارة مصر القديمة. وهي عجيبة وفيها أكثر من عجيبة فأين هي الآن؟.
وما دامت الرمال بعاصفة واحدة - كما قلنا - تطمر قافلة، فكم عاصفة مرت على هذه البلاد؟. ولذلك نجد أننا لا نزال جميعاً إلى الآن حين نريد أن ننقب عن الآثار فلا بد أن نحفر تحت الأرض. لماذا هذا الحفر وقد كانت هذه الآثار فوق الأرض؟ لقد غطتها العواصف الرملية.
اسم الکتاب : مفرق الطريق في القرآن الكريم المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 340