اسم الکتاب : مفرق الطريق في القرآن الكريم المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 324
ولماذا كل ذلك؟ لأن الناس ما دامت فد انفرطت عن منهج الله نجد الحق يترك بعضهم لبعض ويتولى كل قوم إذاقة غيرهم العذاب. ولكن أُغيّر ذلك في ملك الله ونواميسه الثابتة من شيء؟ أبداً، فالسماء هي السماء، والأرض بعناصرها هي الأرض، والشمس هي الشمس، والقمر هو القمر، والنجوم هي النجوم، والمطر هو المطر.
إن الذي يحدث فقط هو أن يذيق الله الناس بعضهم بأس بعض، ويصير كل بعض من الناس ظالماً للبعض الآخر. وعندما نرى الناس تشكو، نعلم أن الناس كلها مذنبة، ومادام الكل قد أذنب وخرج عن منهج الله فلا بد أن يسلط الحق بعضنا على بعض حتى يعرف الجميع أنهم قد انفلتوا عن منهج الله لذلك يلقون المتاعب، ولن يرتاحوا إلا إذا عادوا إلى أحضان منهج الله؛ لأن منهج الله يمنع أن يتكبر إنسان مؤمن على أخيه المؤمن. والكل يسجد لإله واحد. ولهذا وضع الحق لنا العبادات الجماعية حتى يرى الضعيف في سلطان الدنيا القوي في السلطان وهو يشترك معه في السجود للإله الواحد.
مثال ذلك ما نراه من طواف الناس حول الكعبة في ملابس الإحرام، إن من بين الذين يطوفون قوما من وجهاء الناس وأصحاب الرتب العالية والمنازل الرفيعة، ومن بين هؤلاء أيضاً نجد الذين لا يحتلون إلا المكانة الضئيلة، ويرى الضعيف نفسه مساوياً لمن في المركز الاجتماعي القوي.
الكل يقف أمام ربّه وهو ذليل ويمسك بأستار الكعبة باكياً. ويريد سبحانه بذلك استطراق الغرور بين المؤمنين ويكون الناس جميعا أمام الله وفي بيته على سواء. {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَىا أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ} [الأنعام:65].
وها نحن أولاء نرى كيف أن الحق يلبس الناس شيعاً، إننا نرى المنسوبين إلى الإسلام يذبح بعضهم بعضاً لسنوات طويلة. وإذا كان هؤلاء وأولئك طائفتين مؤمنتين تتقاتلان فأين الطائفة الثالثة التي تفصل بين الطائفتين مصداقاً لقوله الحق: {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُواْ الَّتِي تَبْغِي
اسم الکتاب : مفرق الطريق في القرآن الكريم المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 324