responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مفرق الطريق في القرآن الكريم المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 322
ونقف بعد ذلك أمام الروعة الباهرة لانتصار العقيدة على الحياة. وانتصار العزيمة على الألم. وانتصار «الإنسان» على الشيطان. وهو مشهد بالغ الروعة .. نعترف أننا نعجز عن القول فيه. فندعه كما صوره النص القرآني الكريم! (1)
وقال تعالى: «أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً، فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها، فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً: وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ. كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ. فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً، وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ. كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ» ..
وإنزال الماء من السماء حتى تسيل به الوديان يتناسق مع جو البرق والرعد والسحاب الثقال في المشهد السابق ويؤلف جانبا من المشهد الكوني العام، الذي تجري في جوه قضايا السورة وموضوعاتها. وهو كذلك يشهد بقدرة الواحد القهار .. وأن تسيل هذه الأودية بقدرها، كل بحسبه، وكل بمقدار طاقته ومقدار حاجته يشهد بتدبير الخالق وتقديره لكل شيء .. وهي إحدى القضايا التي تعالجها السورة .. وليس هذا أو ذلك بعد إلا إطارا للمثل الذي يريد اللّه ليضربه للناس من مشهود حياتهم الذي يمرون عليه دون انتباه.
إن الماء لينزل من السماء فتسيل به الأودية، وهو يلم في طريقه غثاء، فيطفو على وجهه في صورة الزبد حتى ليحجب الزبد الماء في بعض الأحيان. هذا الزبد نافش راب منتفخ .. ولكنه بعد غثاء. والماء من تحته سارب ساكن هادئ .. ولكنه هو الماء الذي يحمل الخير والحياة .. كذلك يقع في المعادن التي تذاب لتصاغ منها حلية كالذهب والفضة، أو آنية أو آلة نافعة للحياة كالحديد والرصاص، فإن الخبث يطفو وقد يحجب المعدن الأصيل. ولكنه بعد خبث يذهب ويبقى المعدن في نقاء .. ذلك مثل الحق والباطل في هذا الحياة. فالباطل يطفو ويعلو وينتفخ ويبدو رابيا طافيا ولكنه بعد زبد أو خبث، ما يلبث أن يذهب جفاء مطروحا لا حقيقة له ولا تماسك فيه. والحق يظل هادئا ساكنا. وربما يحسبه بعضهم قد انزوى أو غار أو ضاع أو مات. ولكنه هو الباقي في الأرض كالماء

(1) - في ظلال القرآن للسيد قطب - ت- علي بن نايف الشحود [ص 1811]
اسم الکتاب : مفرق الطريق في القرآن الكريم المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 322
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست