responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مفرق الطريق في القرآن الكريم المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 245
وكذلك يُفتَن الصحيح بالمريض والمريض بالصحيح، فالصحيح يعيش مع نعمة الله بالعافية، أما المريض فيعيش مع المنعم سبحانه، كما جاء في الحديث القدسي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلاَ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ، مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ فَيَقُولُ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ وَيَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أَسْقِيكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ فَيَقُولُ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلاَنًا اسْتَسْقَاكَ فَلَمْ تَسْقِهِ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ لَوَجِدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي. يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمَنِي، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ فَيَقُولُ: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ عَبْدِي فُلاَنًا اسْتَطْعَمَكَ فَلَمْ تُطْعِمْهُ، أَمَا لَوْ أَنَّكَ أَطْعَمْتَهُ لَوَجِدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي." [1].
لذلك ترى أهل الأمراض من المؤمنين يتألم زُوَّارهم من أمراضهم، في حين أنهم في أُنْس بالله يشغلهم عن أمراضهم وعن آلامهم، ومَنِ الذي يزهد في معية الله؟ إذن: لو حقد المريض على السليم فهو مفتون به، وكان يجب عليه أن يعلم: إنْ كان الصحيح في معية النعمة فهو في معية المنعِم سبحانه وتعالى.
وسيدنا نوح ـ عليه السلام ـ بعد أن لبث يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً كان جواب قومه: {وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ} [هود:27] فكان أتباع نوح في نظرهم حثالة القوم، ثم حاولوا أنْ يُغروه بهم ليطردهم، فهم ضِعاف لا جاهَ له ولا سلطان، فما كان منه إلا أنْ قال: {وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّهُمْ مُّلاَقُو رَبِّهِمْ} [هود:29].
وقال في آية أخرى: {وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللَّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْراً اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ} [هود:31].
فعلى مَرِّ الأزمان واختلاف الرسالات كان الكفار تزدري أعينهم الفقراء والضعفاء المؤمنين، ويحاولون طردهم وإخراجهم من ديارهم، ألم يقل الحق ـ تبارك وتعالى ـ

[1] - صحيح ابن حبان- ط2 مؤسسة الرسالة [3/ 224] (944) صحيح
اسم الکتاب : مفرق الطريق في القرآن الكريم المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 245
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست