اسم الکتاب : مفرق الطريق في القرآن الكريم المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 172
فهم مؤمنون .. وإلا فما هم بالمؤمنين .. ولا وسط بين هذا الطريق وذاك ولا حجة ولا معذرة، ولا احتجاج بمصلحة. فاللّه رب الناس يعلم ما يصلح للناس ويضع شرائعه لتحقيق مصالح الناس الحقيقية. وليس أحسن من حكمه وشريعته حكم أو شريعة. وليس لأحد من عباده أن يقول: إنني أرفض شريعة اللّه، أو إنني أبصر بمصلحة الخلق من اللّه .. فإن قالها - بلسانه أو بفعله - فقد خرج من نطاق الإيمان ..
هذه هي القضية الخطيرة الكبيرة التي يعالجها هذا الدرس في نصوص تقريرية صريحة .. ذلك إلى جانب ما يصوره من حال اليهود في المدينة، ومناوراتهم ومؤامراتهم مع المنافقين: «مِنَ الَّذِينَ قالُوا: آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ».وما يوجه به رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - لمواجهة هذا الكيد الذي لم تكف عنه يهود، منذ أن قامت للإسلام دولة في المدينة ..
والسياق القرآني في هذا الدرس يقرر:
أولا: توافي الديانات التي جاءت من عند اللّه كلها على تحتيم الحكم بما أنزله اللّه وإقامة الحياة كلها على شريعة اللّه وجعل هذا الأمر مفرق الطريق بين الإيمان والكفر وبين الإسلام والجاهلية وبين الشرع والهوى .. فالتوراة أنزلها اللّه فيها هدى ونور: «يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ» .. «وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللَّهِ» .. «وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ .. إلخ» .. والإنجيل آتاه اللّه عيسى بن مريم «مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ. وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ» .. والقرآن أنزله اللّه على رسوله «بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ» وقال له: «فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ» .. «وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ» .. «وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ» .. «وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ» .. «أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ؟ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ؟» .. وكذلك تتوافى الديانات كلها على هذا الأمر، ويتعين حد الإيمان وشرط الإسلام، سواء
اسم الکتاب : مفرق الطريق في القرآن الكريم المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 172