اسم الکتاب : مقومات الداعية الناجح في ضوء الكتاب والسنة المؤلف : القحطاني، سعيد بن وهف الجزء : 1 صفحة : 130
وهذا الرجل قد جفا عمر أمير المؤمنين بعدة أمور تثير الغضب، وتجعله عرضة للانتقام والتأديب.
أول هذه الأمور: قوله: هي يا ابن الخطاب، ولم يقل: يا أمير المؤمنين.
والثاني: قوله: والله ما تعطينا الجزل، يعني العطاء الكثير.
والثالث: وهو أقبح الأمور الثلاثة، قوله: ولا تحكم بيننا بالعدل.
ومع هذا كله حلم عنه عمر وعفا عنه، وصفح بعدما سمع الآية، وسمع قول الحر: إن هذا من الجاهلين، ووقف عند الآية: ولم يعمل بغير ما دلت عليه، بل عمل بمقتضاها، - رضي الله عنه - وأرضاه [1]، وهذا يدل على كمال حلمه وحكمته التي استفادها من هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرسخت في ذهنه حتى كانت هيئة راسخة ثابتة في نفسه وخُلُقه.
وهذا يحتاج في بداية الأمر إلى جهاد وقوة؛ ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ليس الشديد بالصُّرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)) [2].
ولاشك أن الغضب يهدم الحلم وينافيه، وصاحب الغضب لا يكون حليماً، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - لمن قال أوصني: ((لا تغضب)) [3].
والداعية إلى الله يستطيع أن يتّصف بالحلم؛ ليكون حكيماً، وذلك [1] انظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 13/ 259، 8/ 305، 13/ 250. [2] البخاري، كتاب الأدب، باب الحذر من الغضب، برقم 6141، ومسلم، كتاب البر والصلة، باب فضل من يملك نفسه عند الغضب وبأي شيء يذهب الغضب، برقم 2609. [3] البخاري، كتاب الأدب، باب الحذر من الغضب، برقم 6116، والحديث فيه: فردد مراراً، قال: ((لا تغضب)).
اسم الکتاب : مقومات الداعية الناجح في ضوء الكتاب والسنة المؤلف : القحطاني، سعيد بن وهف الجزء : 1 صفحة : 130