responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : من أجل التغيير المؤلف : مالك بن نبي    الجزء : 1  صفحة : 102
وأنا لست قليل الفهم كي أظن عكس ذلك. ولكنني- وهذا أمر عجيب- لم تشعر بشرة جلدي بخطورة هذه المعلومة بالدرجة ذاتها، التي بلغت عند صديقي.
ألأن بشرتي قد غلظت؟ ربما بفعل تقدم السن، وربما أيضا بسبب تجربتي التي تجعلني متشككا وباردا بعض الشيء في بعض المواقف .. كما وكأن قوى الاستعمار تريد أن تكبتنا بضربة جرس، مثلما يجري في تجربة بافلوف الشهيرة، التي كررها على الفئران.
إن الشيطان يريد أن يتسلى على حسابنا أحيانا، أن يرى كيف ندخل في جحورنا الصغيرة، عند أدنى ضربة جرس. أنا لا أقول إن لعبته- عندما يريد أن يلعب- بريئة براءة لعبة الأطفال. كلا، بالطبع ... فلعبته ذاتها تكتيك، وتقنية، بل إنها سياسة عليا.
وإذا راقب أحد ما لبعض الوقت بانتباه، وبشيء من الحس السليم، فإنه سيكتشف أن الاستعمار يعزف في دول العالم الثالث، على أرغن ذي دعستين. (أنا لا أعرف إذا كان لهذه الآلة الموسيقية أكثر من دعستين، وأعتذر للقارئ. فأنا لست من الاختصاصيين في هذا الميدان).
كل ما أريد أن أقوله هو أن الاستعمار- عند صديقنا- يضع رجله على الدعسة التي توجه الضياع والتفكك والانحلال في الدول النامية، والتي تؤدي إلى فسادها وخمولها وتعفنها.
وإلى الأمام على هذه الدعسة! إنها موسيقى تسحر حتى البلاهة، حتى النشوة، حتى الفناء، حتى الحلم، وإلى غيبوبة الرادارات العربية صبيحة 5 حزيران.
وإذا لم تنسلخ نخبة هذه البلاد، ومسؤولوها، وشعبها، عن ذلك السحر، فإن تلك الموسيقى، وذلك الصوت العليل الرقيق، سيستمران حتى لا تعود كلمة (استقلال) تعني شيئا على الإطلاق، سوى تلك السخرية الشنيعة التي تهيمن على مصير أمة فائقة التخلف.

اسم الکتاب : من أجل التغيير المؤلف : مالك بن نبي    الجزء : 1  صفحة : 102
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست