responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : هداية القرآن للتي هي أقوم المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 205
وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ حُكْمَ الرَّجْمِ ثَابِتٌ بِالْقُرْآنِ لَا يُنَافِي ما ورد عَنْ عَلِىٍّ رضى الله عنه حِينَ رَجَمَ الْمَرْأَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَقَالَ قَدْ رَجَمْتُهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - [1]؛لِأَنَّ السُّنَّةَ هِيَ الَّتِي بَيَّنَتْ أَنَّ حُكْمَ آيَةِ الرَّجْمِ بَاقٍ بَعْدِ نَسْخِ تِلَاوَتِهَا.
وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي حَدِيثِهِ الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ: «فَكَانَ مِمَّا أُنْزِلُ إِلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ، فَقَرَأْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا، رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ0. .» الْحَدِيثَ [2].
وَالْمُلْحِدُونَ يَقُولُونَ: إِنَّ الرَّجْمَ قَتْلٌ وَحْشِيٌّ لَا يُنَاسِبُ الْحِكْمَةَ التَّشْرِيعِيَّةَ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ فِي الْأَنْظِمَةِ الَّتِي يُعَامَلُ بِهَا الْإِنْسَانُ، لِقُصُورِ إِدْرَاكِهِمْ عَنْ فَهْمِ حِكَمِ اللَّهِ الْبَالِغَةِ فِي تَشْرِيعِهِ.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الرَّجْمَ عُقُوبَةٌ سَمَاوِيَّةٌ مَعْقُولَةُ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الزَّانِيَ لَمَّا أَدْخَلَ فَرَّجَهُ فِي فَرْجِ امْرَأَةٍ عَلَى وَجْهِ الْخِيَانَةِ وَالْغَدْرِ، فَإِنَّهُ ارْتَكَبَ أَخَسَّ جَرِيمَةٍ عَرَفَهَا الْإِنْسَانُ بِهَتْكِ الْأَعْرَاضِ، وَتَقْذِيرِ الْحُرُمَاتِ، وَالسَّعْيِ فِي ضَيَاعِ أَنْسَابِ الْمُجْتَمَعِ الْإِنْسَانِيِّ، وَالْمَرْأَةُ الَّتِي تُطَاوِعُهُ فِي ذَلِكَ مِثْلُهُ، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ نَجِسٌ قَذِرٌ لَا يَصْلُحُ لِلْمُصَاحَبَةِ، فَعَاقَبَهُ خَالِقُهُ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ بِالْقَتْلِ لِيَدْفَعَ شَرَّهُ الْبَالِغَ غَايَةَ الْخُبْثِ وَالْخِسَّةِ، وَشَرَّ أَمْثَالِهِ عَنِ الْمُجْتَمَعِ، وَيُطَهِّرُهُ هُوَ مِنَ التَّنْجِيسِ بِتِلْكَ الْقَاذُورَةِ الَّتِي ارْتَكَبَ، وَجَعَلَ قِتْلَتَهُ أَفْظَعَ قِتْلَةٍ؛ لِأَنَّ جَرِيمَتَهُ أَفْظَعُ جَرِيمَةٍ، وَالْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ.
وَقَدْ دَلَّ الشَّرْعُ الْمُطَهَّرُ عَلَى أَنَّ إِدْخَالَ الْفَرْجِ فِي الْفَرْجِ الْمَأْذُونِ فِيهِ شَرْعًا يُوجِبُ الْغُسْلَ، وَالْمَنْعَ مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى يَغْتَسِلَ بِالْمَاءِ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ يَتَطَلَّبُ طَهَارَةً فِي الْأَصْلِ، وَطَهَارَتُهُ الْمَعْنَوِيَّةُ إِنْ كَانَ حَرَامًا قَتْلُ صَاحِبِهِ الْمُحْصَنِ، لِأَنَّهُ إِنْ رُجِمَ كَفَّرَ ذَلِكَ عَنْهُ ذَنْبَ الزِّنَى، وَيَبْقَى عَلَيْهِ حَقُّ الْآدَمِيِّ؛ كَالزَّوْجِ إِنْ زَنَى بِمُتَزَوِّجَةٍ، وَحَقُّ الْأَوْلِيَاءِ فِي إِلْحَاقِ الْعَارِ بِهِمْ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ سَابِقًا.

[1] - صحيح البخارى- المكنز [22/ 346] (6812)
[2] - صحيح البخارى- المكنز [22/ 374] 6830
اسم الکتاب : هداية القرآن للتي هي أقوم المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 205
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست