responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : هداية القرآن للتي هي أقوم المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 203
فَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنِ اعْتِرَاضَاتِ الْمُلْحِدِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، هُوَ الَّذِي نَظَمَهُ الْمِعَرِّيُّ بِقَوْلِهِ:
يَدٌ بِخَمْسِ مِئِينٍ عَسْجَدٍ وُدِيَتْ ... مَا بَالُهَا قُطِعَتْ فِي رُبْعِ دِينَارِ
وَلِلْعُلَمَاءِ عَنْهُ أَجْوِبَةٌ كَثِيرَةٌ نَظْمًا وَنَثْرًا؛ مِنْهَا قَوْلُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ مُجِيبًا لَهُ فِي بَحْرِهِ وَرَوِيِّهِ:
عِزُّ الْأَمَانَةِ أَغْلَاهَا وَأَرْخَصَهَا ... ذُلُّ الْخِيَانَةِ فَافْهَمْ حِكْمَةَ الْبَارِي
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمَّا خَانَتْ هَانَتْ0وَمِنَ الْوَاضِحِ: أَنَّ تِلْكَ الْيَدَ الْخَسِيسَةَ الْخَائِنَةَ لَمَّا تَحَمَّلَتْ رَذِيلَةَ السَّرِقَةِ وَإِطْلَاقَ اسْمِ السَّرِقَةِ عَلَيْهَا فِي شَيْءٍ حَقِيرٍ كَثَمَنِ الْمِجَنِّ وَالْأُتْرُجَّةِ، كَانَ مِنَ الْمُنَاسِبِ الْمَعْقُولِ أَنْ تُؤْخَذَ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ الْقَلِيلِ، الَّذِي تَحَمَّلَتْ فِيهِ هَذِهِ الرَّذِيلَةَ الْكُبْرَ.
وَقَالَ الْفَخْرُ الرَّازِي فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: ثُمَّ إِنَّا أَجَبْنَا عَنْ هَذَا الطَّعْنِ، بِأَنَّ الشَّرْعَ إِنَّمَا قَطَعَ يَدَهُ بِسَبَبِ أَنَّهُ تَحَمَّلَ الدَّنَاءَةَ وَالْخَسَاسَةَ فِي سَرِقَةِ ذَلِكَ الْقَدْرِ الْقَلِيلِ0فَلَا يَبْعُدُ أَنَّ يُعَاقِبَهُ الشَّرْعُ بِسَبَبِ تِلْكَ الدَّنَاءَةِ هَذِهِ الْعُقُوبَةَ الْعَظِيمَةَ اهـ.
فَانْظُرْ مَا يَدْعُو إِلَيْهِ الْقُرْآنُ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَالتَّنَزُّهِ عَمَّا لَا يَلِيقُ، وَقَطْعُ يَدِ السَّارِقِ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّشْرِيعَ السَّمَاوِيَّ يَضَعُ دَرَجَةَ الْخَائِنِ مِنْ خَمْسِمِائَةِ دَرَجَةٍ إِلَى رُبْعِ دَرَجَةٍ، فَانْظُرْ هَذَا الْحَطَّ الْعَظِيمَ لِدَرَجَتِهِ بِسَبَبِ ارْتِكَابِ الرَّذَائِلِ.
وَقَدِ اسْتَشْكَلَ بَعْضُ النَّاسِ قَطَعَ يَدِ السَّارِقِ فِي السَّرِقَةِ خَاصَّةً دُونَ غَيْرِهَا مِنَ الْجِنَايَاتِ عَلَى الْأَمْوَالِ، كَالْغَصْبِ، وَالِانْتِهَابِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
قَالَ الْمَازِرِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ: صَانَ اللَّهُ الْأَمْوَالَ بِإِيجَابِ قَطْعِ سَارِقِهَا، وَخَصَّ السَّرِقَةَ لِقِلَّةِ مَا عَدَاهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا، مِنَ الِانْتِهَابِ وَالْغَصْبِ، وَلِسُهُولَةِ إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى مَا عَدَا السَّرِقَةَ بِخِلَافِهَا، وَشَدَّدَ الْعُقُوبَةَ فِيهَا لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي الزَّجْرِ، وَلَمْ يَجْعَلْ دِيَةَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْعُضْوِ الْمَقْطُوعِ مِنْهَا بِقَدْرِ مَا يَقْطَعُ فِيهِ حِمَايَةً لِلْيَدِ، ثُمَّ لَمَّا خَانَتْ هَانَتْ، وَفِي ذَلِكَ إِثَارَةٌ إِلَى الشُّبْهَةِ الَّتِي نُسِبَتْ إِلَى أَبِي الْعَلَاءِ الْمَعَرِّيِّ فِي قَوْلِهِ:
يَدٌ بِخَمْسِ مِئِينَ عَسْجَدٍ وُدِيَتْ ... مَا بَالُهَا قُطِعَتْ فِي رُبْعِ دِينَارِ
فَأَجَابَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الْمَالِكِيُّ بِقَوْلِهِ:

اسم الکتاب : هداية القرآن للتي هي أقوم المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 203
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست