اسم الکتاب : هل يعتبر الفراعنة بمصرع من سبقهم المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 86
وعَنْ أَبِي بَكَرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " ذَنْبَانِ مُعَجَّلَانِ لَا يُؤَخَّرَانِ: الْبَغْيُ، وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ" (1)
فالحديث دال على أنَّ الظالم وقاطع الرحم لابد أن تنالهما عقوبة الله في الدنيا، وعذاب الآخرة أشد وأبقى.
وهذا البأس الذي قضت الأدلة بحلوله في ساحة الطغاة لا يمكن لأحد أن يصرفه عنهم، أو أن يحول بينه وبينهم إذا جاءهم، أو أن يرد منه شيئاً، قال تعالى في البقرة وآل عمران والمائدة: {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}، وقال: {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} [الحج/71]. قال السعدي رحمه الله: " {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} ينقذونهم من عذاب الله، أو يدفعون عنهم بعض ما نزل بهم" تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن (ص: 240)
وكما أنه يدخل في الآيات عدمُ النصرة في الآخرة بصرف وجوههم عن النار، فإنه يراد منها الإنجاء مما ينزل بهم من العقوبة في الدنيا. قال تعالى عن صاحب الجنتين: {وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا} [الكهف:43]، وقال عن قارون: {فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ} [القصص:81].
ما الحكمة من تأخير نزول العذاب بالظالمين؟
في ذلك ثلاثُ حِكَم ..
الحكمة الأولى: لتظهر آثار بعض أسماء الله. فمن أسماء الله: الحليم. والحليم الذي لا يعاجل بالعقوبة.
الحكمة الثانية: في هذا التأخير رفعة في درجات المظلوم.
رأى أحد الناس مظلوماً مصلوباً .. ، فقال: ربِّ إنَّ حلمك بالظالمين أضرَّ بالمظلومين. فرأى في منامه كأن القيامة قامت، ورأى المظلوم المصلوب في أعلى الجنة، ثم سمع من يقول له: إن حلمي بالظالمين، أورث المظلومين أعلى عليين.
(1) - مسند أحمد ط الرسالة (34/ 15) (20380) صحيح لغيره
اسم الکتاب : هل يعتبر الفراعنة بمصرع من سبقهم المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 86