responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : وجهة العالم الإسلامي المؤلف : مالك بن نبي    الجزء : 1  صفحة : 30
التي تهمنا- سوى صورة مشوهة عن البناء الأصلي الذي شاده القرآن، والذي قام على أساس من التوازن بين العقل والروح، أي على الأساس المزدوج، الروحي المادي، الضروري لكل بناء اجتماعي أهل للخلود.
والحق، أن العالم الإسلامي لم يقو على البقاء إبان تلك الأزمة الأولى في تاريخه وبعدها، إلا بفضل ما تبقى فيه من دفعة قرآنية حية قوية، وكان سر تماسكه رجال من أمثال عقبة بن نافع، وعمر بن عبد العزيز، والإمام مالك، رضي الله عنهم أجمعين، لا لأن أولهم كان فاتحاً كبيراً، والثاني خليفة عظيماً، والثالث إمام مدرسة كبرى في التشريع، بل لأن فضائل الإسلام الفطرية العظيمة قد تجسدت فيهم بصورة أو بأخرى.
هذا هو (عقبة)، وقد وقف في عاصمة الفاطميين المقبلة، التي زحف منها جيش المسلمين لفتح إفريقيا الشمالية، وقف يودع أبناءه الوداع الأخير، ثم صرخ وهو يمتطي صهوة جواده داعياً: ((اللهم تقبل عملي واجعلني في عبادك الصالحين)).
وعمر بن عبد العزيز، هو الذي ارتأى أن من الظلم أن يتولى أمراً، يخص في نظره- نسل علي، كرم الله وجهه، فآثر أن يتنازل عنه.
والإمام مالك، هو الذي تعرض للجلد في الأماكن العامة، لأنه دافع سلطاناً باغياً. تلكم هي الفضائل: احتقار مجد حان موعده، ورفض سلطة لا تقوى على حق، وتحدّ يجابه به ظالم باغ، وهي التي حفظت في العالم الإسلامي سر الحياة الذي أودعه فيه القرآن.
ومن هنا ندرك سر القيمة التي خص بها (عالم الاجتماع) محمد - صلى الله عليه وسلم -، الفضائل الخلقية باعتبارها قوة جوهرية في تكوين الحضارات. ولكن أوضاع القيم تنقلب في عصور الانحطاط لتبدو الأمور ذات خطر كبير، فإذا ما حدث هذا الانقلاب

اسم الکتاب : وجهة العالم الإسلامي المؤلف : مالك بن نبي    الجزء : 1  صفحة : 30
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست