اسم الکتاب : وقفات على الطريق المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 350
أهمية القاعدة الصلبة في بناء المجتمع المسلم والحفاظ عليه
لقد ولدت الحركة الإسلامية في مكة على محك الشدة فلم تكد الجاهلية - ممثلة في قريش - تحس بالخطر الحقيقي الذي يتهددها من دعوة: «أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه» وما تمثله من ثورة على كل سلطان أرضي لا يستمد من سلطان اللّه ومن تمرد نهائي على كل طاغوت في الأرض والفرار منه إلى اللّه.
ثم بالخطر الجدي من التجمع الحركي العضوي الجديد الذي أنشأته هذه الدعوة تحت قيادة رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - هذا التجمع الذي يدين منذ اليوم الأول بالطاعة للّه ولرسول اللّه ويتمرد ويخرج على القيادة الجاهلية الممثلة في قريش والأوضاع السائدة في هذه الجاهلية.
لم تكد الجاهلية - ممثلة في قريش أول الأمر - تحس بهذا الخطر وذاك حتى شنتها حربا شعواء على الدعوة الجديدة، وعلى التجمع الجديد، وعلى القيادة الجديدة وحتى أرصدت لها كل ما في جعبتها من أذى ومن كيد ومن فتنة ومن حيلة ..
لقد انتفض التجمع الجاهلي ليدفع عن نفسه الخطر الذي يتهدد وجوده بكل ما يدفع به الكائن العضوي خطر الموت عن نفسه .. وهذا هو الشأن الطبيعي الذي لا مفر منه كلما قامت دعوة إلى ربوبية اللّه للعالمين في مجتمع جاهلي يقوم على أساس من ربوبية العباد للعباد وكلما تمثلت الدعوة الجديدة في تجمع حركي جديد، يتبع في تحركه قيادة جديدة، ويواجه التجمع الجاهلي القديم مواجهة النقيض للنقيض!
وعندئذ تعرض كل فرد في التجمع الإسلامي الجديد للأذى والفتنة بكل صنوفها، إلى حد إهدار الدم في كثير من الأحيان .. ويومئذ لم يكن يقدم على شهادة أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه، والانضمام إلى التجمع الإسلامي الوليد، والدينونة لقيادته الجديدة، إلا كل من نذر نفسه للّه وتهيأ لاحتمال الأذى والفتنة والجوع والغربة والعذاب والموت في أبشع الصور في بعض الأحيان ..
بذلك تكونت للإسلام قاعدة صلبة من أصلب العناصر عودا في المجتمع العربي فأما العناصر التي لم تحتمل هذه الضغوط فقد فتنت عن دينها وارتدت إلى الجاهلية مرة أخرى
اسم الکتاب : وقفات على الطريق المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 350