اسم الکتاب : وقفات على الطريق المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 227
يتضمن النهي بالنص المباشر لا بالمفهوم المتضمن! ولا بالمقتضى اللازم! كذلك تعطينا طريقة المنهج القرآني في تقرير تلك الحقيقة بشطريها .. عبادة اللّه. وعدم عبادة سواه ..
أن النفس البشرية في حاجة إلى النص القاطع على شطري هذه الحقيقة سواء. وعدم الاكتفاء معها بالأمر بعبادة اللّه وتقرير أن لا إله يعبد سواه وإضافة النهي الصريح عن عبادة سواه إلى المفهوم الضمني الذي يتضمنه الأمر بعبادته وحده .. ذلك أن الناس يجيء عليهم زمان لا يجحدون اللّه، ولا يتركون عبادته، ولكنهم - مع هذا - يعبدون معه غيره فيقعون في الشرك وهم يحسبون أنهم مسلمون!
ومن ثم جاء التعبير القرآني عن حقيقة التوحيد بالأمر وبالنهي معا بحيث يؤكد أحدهما الآخر، التوكيد الذي لا تبقى معه ثغرة ينفذ منها الشرك في صورة من صوره الكثيرة ..
وقد تكرر مثل هذا في التعبير القرآني في مواضع شتى هذه نماذج منها من هذه السورة ومن سواها: «الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ: أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ، إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ» .. هود:1 - 2) «وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ: إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ: أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ، إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ» ... (هود:25 - 26) «وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً، قالَ: يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ، إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ» .. (هود:50) «وَقالَ اللَّهُ: لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ. إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ. فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ» ... (النحل:51) «ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا. وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً. وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» .. (آل عمران:67) «إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً. وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ» ... (الأنعام:79)
وهو منهج مطرد في التعبير القرآني عن حقيقة التوحيد، له دلالته من غير شك. سواء في تجلية قيمة هذه الحقيقة وضخامتها التي تستدعي ألا توكل في أي جانب من جوانبها إلى المفهومات الضمنية والمقتضيات اللازمة، وإنما ينص نصا منطوقا على كل جانب فيها. أو في دلالة هذه الطريقة على علم اللّه - سبحانه - بطبيعة الكائن الإنساني، وحاجته في تقرير هذه الحقيقة الكبيرة، وصيانتها في حسه وتصوره من أية شبهة أو غبش، إلى التعبير الدقيق
اسم الکتاب : وقفات على الطريق المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 227