responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التعايش مع غير المسلمين في المجتمع المسلم المؤلف : السقار، منقذ بن محمود    الجزء : 1  صفحة : 43
قال القرطبي: "قال علماؤنا: الذي دل عليه القرآن أن الجزية تؤخذ من المقاتلين ... وهذا إجماع من العلماء على أن الجزية إنما توضع على جماجم الرجال الأحرار البالغين، وهم الذين يقاتلون، دون النساء والذرية والعبيد والمجانين المغلوبين على عقولهم والشيخ الفاني" [1].
وقال مالك: "مضت السنة أن لا جزية على نساء أهل الكتاب ولا على صبيانهم، وأن الجزية لا تؤخذ إلا من الرجال الذين قد بلغوا الحلم، وليس على أهل الذمة ولا على المجوس في نخيلهم ولا كرومهم ولا زروعهم ولا مواشيهم صدقة" [2].
قال ابن حجر: " لا تؤخذ من شيخ فانٍ ولا زمِن ولا امرأة ولا مجنون ولا عاجز عن الكسب ولا أجير ولا من أصحاب الصوامع والديارات في قولٍ, والأصح عند الشافعية الوجوب على من ذكر آخراً [أي أصحاب الصوامع] " [3].
وقد كتب عمر بذلك إلى أمراء الأجناد: (لا تضربوا الجزية على النساء والصبيان، ولا تضربوها إلا على من جرت عليه المواسي) [4] أي ناهز الاحتلام، وهو من يقدر عادة على حمل السلاح.
والتزم بذلك أمراء الإسلام، ومنهم عمرو بن العاص والي مصر، فقد اصطلح مع المقوقس (على أن يفرض على جميع من بمصر أعلاها وأسفلها من القبط ديناران ديناران، عن كل نفس، شريفهم ووضيعهم، من بلغ الحلم منهم، ليس على الشيخ الفاني ولا على الصغير الذي لم يبلغ الحلم ولا النساء شيء) [5].
ويشهد آدم متز بالتزام المسلمين بذلك في البلاد التي تحت سلطانهم، فيقول: "فكان لا يدفعها إلا الرجل القادر على حمل السلاح، فلا يدفعها ذوو العاهات، ولا المترهبون وأهل الصوامع إلا إذا كان لهم يسار" [6].
وبمثله شهد ول ديورانت: "ولم يفرض عليهم أكثر من ارتداء زي ذي لون خاص، وأداء ضريبة عن كل شخص تختلف باختلاف دخله، وتتراوح بين دينار وأربعة دنانير .. ويعفى منها الرهبان، والنساء، والذكور الذين هم دون البلوغ، والأَرِقَّاء، والشيوخ، والعَجَزة، والعُمي، والشديدو الفقر" [7].

ب. مقدار الجزية
ومن النص السابق والشهادتين اللتين بعده يبين لنا أن المبلغ المدفوع للجزية لم يكن كبيراً يعجز عن دفعه الرجال، بل كان ميسوراً يطيقه كل أحد.
ففي زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم تجاوز جزية الفرد الدينار الواحد في كل سنة، فحين أرسل النبي معاذاً إلى اليمن أخذ من كل حالم منهم ديناراً، يقول معاذ: (بعثني النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن، فأمرني أن آخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعاً، أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة [هذه

[1] الجامع لأحكام القرآن (8/ 72).
[2] الموطأ، كتاب الزكاة، ص (619).
[3] فتح الباري (6/ 260).
[4] أخرجه أبو عبيد في كتابه الأموال، ص (51)، وصححه الألباني في إرواء الغليل ح (1255).
[5] أخرجه ابن عبد الحكم في فتوح مصر وأخبارها (70)، وانظر الخريدة النفيسة في تاريخ الكنيسة، الأنبا ايسذورس (2/ 103).
[6] الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري، آدم متز (1/ 96).
[7] قصة الحضارة، ول ديورانت (12/ 130 - 131).
اسم الکتاب : التعايش مع غير المسلمين في المجتمع المسلم المؤلف : السقار، منقذ بن محمود    الجزء : 1  صفحة : 43
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست