أن يخلق الخلق بخمسين ألف سنة، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة)). [1] وقال أيضاً: ((وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السماوات والأرض)). (2)
الثالثة: أن ما كتبه الله في كتابه كائن لا محالة، ولا يمكن لأحد أن يغيره {وكان أمر الله قدراً مقدوراً} (الأحزاب: 38)، وما يقع من الناس من شر وخير إنما يجري بعلم الله ومشيئته الأزلية {وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين} (التكوير: 29).
لكن الفعل الإنساني لا يصدر من الإنسان جبراً وقهراً، فالإنسان أكرم مخلوقات الله، كرّمه الله، فمنحه القدرة على التمييز {ألم نجعل له عينين - ولساناً وشفتين - وهديناه النجدين} (البلد: 8 - 10)، ثم دعاه تبارك وتعالى لاختيار الحق وهجر الباطل، من غير إكراه منه على ذلك.
فإذا ما اختار الإنسان خير النجدين، فسلك سبيل الهداية؛ زاده الله من أنوار الهدى {والذين اهتدوا زادهم هدًى وآتاهم تقواهم} (محمد: 17)، وإن تنكبها واختار الضلالة والعماية زاده الله ضلالاً، كما وصف الله تعالى المنافقين: {في قلوبهم مرضٌ فزادهم الله مرضاً ولهم عذابٌ أليمٌ بما كانوا يكذبون} (البقرة: 10).
وهكذا فالإنسان يختار فعله وفق اختياره وإرادته، لذلك نسب الله فعله إليه بقوله: {وما تفعلوا من خيرٍ فإن الله به عليمٌ} (البقرة: 215)، لكن اختياره وفعله ليس جبراً لله أو قهراً، بل هو بقدرة الله الخالق الذي أقدره على ذلك {والله خلقكم وما تعملون} (الصافات: 96).
ويشمل الإيمان بالقضاء والقدر، التصديق بجملة من القضايا التي قدرها الله بسابق علمه. [1] أخرجه مسلم ح (2653).
(2) أخرجه البخاري ح (3192).