وقد كانت دعوة هؤلاء جميعاً واحدة في أصولها، وهي الدعوة إلى عبادة الله الواحد دون سواه {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} (الأنبياء: 25)، كما أن أصول شرائعهم وجوهرها واحد {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه} (الشورى: 13).
وعليه فالمسلم يؤمن بجميع الأنبياء بلا تفريق بينهم {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحدٍ من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير} (البقرة: 285).
والكفر برسول واحد كفر بجميع الرسل وبمن أرسلهم وبالرسالة الواحدة التي يحملونها {إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً - أولئك هم الكافرون حقاً} (النساء: 150 - 151).
أما طرائق الوحي التي يوحي الله بها إلى هؤلاء الأنبياء، فتتلخص في ثلاثة طرق: الأول: خطاب الله المباشر، كما كلم الله موسى في الوادي المقدس، والثاني: الوحي الذي يقذفه الله في قلب النبي، والثالث: ما يحمله ملاك الله إلى النبي من وحي الله، سواء ظهر له على شكل بشري إيناساً له أو على صورته الحقيقية، قال تعالى: {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء} (الشورى: 51).
وجميع هؤلاء الرسل من أهل الفضل والكمال، لكنهم متفاوتون في أقدارهم عند الله {تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس} (البقرة: 253).
وأفضلهم أولو العزم، وهم خمسة ذكرهم الله بقوله: {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم} (الأحزاب: 7)، وقد