نفوسهم وخلوصها من عيوبها وآفاتها {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين} (آل عمران: 164).
فتزكية النفوس بالأخلاق الفاضلة هدف رئيس في بعثة الأنبياء، ومنهم محمد - صلى الله عليه وسلم - القائل: ((إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق)). (1)
وقد قدم - صلى الله عليه وسلم - القدوة الحسنة لأصحابه حين تمثل جميل الأخلاق وصفات الكمال، ممتثلاً ما يوحي الله إليه في القرآن، فكان في خُلقه كما وصفه ربه {وإنك لعلى خلق عظيم} (القلم: [4])، وصادقت على هذا الوصف زوجه عائشة فقالت: (كان خلقه القرآن) [2]، وأكده صاحبه عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما بقوله: لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - فاحشاً ولا متفحشاً، وكان يقول: ((إن من خياركم أحسنكم أخلاقاً)). (3)
إن الأهمية البالغة للأخلاق جعلت النبي - صلى الله عليه وسلم - يربط خيرية المسلم عند الله بحسن الخلق الذي يثقل في الميزان حسنات المؤمن ويحببه إلى الله، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((ما شيءٌ أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإن الله ليبغض الفاحش البذيء)) [4]، فحسن الخلق يحسب للعبد في ميزانه بمثابة عبادتي الصوم والقيام لله في الليل، وهما من أفضل العبادات وأرفعها في ميزان المسلم، يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم)). (5)
(1) أخرجه أحمد ح (8729) واللفظ له، والبخاري في الأدب المفرد ح (273)، وصححه الألباني في الصحيحة (45). [2] أخرجه أحمد ح (24080).
(3) أخرجه البخاري ح (3559)، ومسلم ح (2321). [4] أخرجه الترمذي ح (2002)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب ح (2641).
(5) أخرجه أبو داود ح (4798)، وأحمد ح (24492)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ح (2643).